للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في النون الساكنة والتنوين والغنة]

النون الساكنة والتنوين يجريان في الكلام والقرآن على ستة أقسام (١):

«١» الأول: أنهما يظهران إذا لقيهما حرف من حروف الحلق في كلمتين، وكذلك النون تظهر مع حروف الحلق في كلمة، وذلك نحو: ﴿مِنْ هادٍ﴾ «الرعد ٣٣»، و ﴿مِنْ عَلَقٍ﴾ «العلق ٢» و ﴿مِنْ غَفُورٍ﴾ «فصلت ٣٢» و (عفو ﴿غَفُورٌ﴾ «الحج ٦٠» و ﴿أَنْعَمْتَ﴾ «الفاتحة ٧» و ﴿الْمُنْخَنِقَةُ﴾ «المائدة ٣» وشبهه، وذلك إجماع من القراء. وعلة ذلك أن النون الساكنة والتنوين بعد مخرجهما من الحلق، فلم يحسن الإدغام، لأن الإدغام إنما يحسن مع تقارب المخارج، فلمّا تباعدت مخارجهما (٢) لم يكن بد من الإظهار، الذي هو الأصل، وإنما يخرج عن الأصل لعلة تقارب المخارج، فإذا عدم ذلك رجع إلى الأصل، وهو الإظهار، والإدغام في هذا يعدّه القراء لحنا لبعد جوازه.

«٢» الثاني: أن النون الساكنة والتنوين يدغمان بذهاب (٣) الغنة في الإدغام إذا لقيتها راء أو لام مشدّدان، وذلك من كلمتين. وعلة الإدغام هو قرب مخرج اللام والراء من مخرج النون، لأنهن من حروف طرف اللسان، فحسن الإدغام في ذلك لتقارب المخارج، وزاده قوة أن النون والتنوين إذا أدغما


(١) التبصرة ٣٧ /ب، والرعاية لتجويد القراءة ٤٣ /ب، والتيسير ٤٥، والنشر ٢/ ١٢، وكتاب سيبويه ٢/ ٥٠٠، والحجة في علل القراءات السبع ١/ ٣٠٢
(٢) ب: «تباعد مخارجها» وتصويبه من: ص.
(٣) ص: «بعد ذهاب».