للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب علل الرّوم والاشمام

«١» اعلم أن الرّوم والإشمام إنما استعملتهما العرب في الوقف لتبيين الحركة، كيف كانت في الوصل. وأصل الروم أظهر للحركة من أصل الإشمام، لأن الروم يسمع ويرى، والإشمام يرى ولا يسمع. فمن رام الحركة أتى بدليل قوي على أصل حركة الكلمة في الوصل، ومن أشمّ الحركة أتى بدليل ضعيف على ذلك. والإشمام لا يكون إلا في المرفوع والمضموم. فالروم إتيانك في الوقف بحركة ضعيفة غير كاملة، يسمعها الأعمى، والإشمام إتيانك بضم شفتيك لا غير من غير صوت، ولا يفهمه الأعمى بحسّه، لأنه لرأي العين، والفرق بين الوقف على الحركة والوقف بروم الحركة، أنك إذا وقفت على الحركة تولّدت من الفتحة ألف، ومن الضمة واو، ومن الكسرة ياء. وإذا وقفت بالرّوم لم يتولّد منه شيء. والإشمام لا يكون إلا - في حرف ساكن نحو إشمامك ضمة الدال من:

«نعبد» (١) بعد إسكانها، وإشمامك ضمة النون الأولى من: «تأمنّا» (٢) وهي ساكنة، لأن أول المدغم لا يكون إلا ساكنا. فإن وقعت الترجمة بالإشمام في المتحرك، فهو في الحقيقة روم، لأنه لا يسمع (٣) نحو ترجمتهم الإشمام في: «سيئت، وقيل» (٤) وشبهه، هذا إشمام يسمع، فهو كالرّوم، وهي ترجمة على مذهب الكوفيين لأنهم يترجمون عن الإشمام، الذي لا يسمع، بالرّوم ويترجمون عن (٥) الرّوم، الذي يسمع، بالإشمام، الذي لا يسمع. فكأن


(١) الحرف في سورة الفاتحة (آ ٥).
(٢) الحرف في سورة يوسف (آ ١١)، وسيأتي ذكره في سورته، الفقرة «٦».
(٣) ص: «فهو يسمع».
(٤) أول الحرفين في سورة الملك (آ ٢٧) وتقدّم في «باب علل المد في فواتح السور» الفقرة «٥»، والآخر في البقرة (آ ١١).
(٥) ب: «على» وتصويبه من: ص.