للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سورة السّجدة

مكيّة، سوى ثلاث آيات نزلن بالمدينة وهنّ

قوله: ﴿أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً﴾ «١٨» الى آخر الثلاث الآيات

وهي ثلاثون آية في المدني والكوفي.

«١» قوله: ﴿كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ﴾ قرأه الكوفيون ونافع بفتح اللام من «خلقه»، جعلوه فعلا ماضيا صفة ل «شيء»، أو ل «كل»، والهاء تعود على الموصوف، على «شيء»، أو على «كل». وقرأ الباقون بإسكان اللام، جعلوه مصدرا، عمل فيه ما دلّ عليه الكلام المتقدم، كأن قوله «أحسن كلّ شيء» دلّ على خلق كل شيء خلقا، ومعناه: أتقن كلّ شيء خلقه، والهاء تعود على اسم الله جلّ ذكره، أو على «كل» ويجوز نصب «خلقه» على البدل من «كل»، والتقدير: أحسن خلق كل شيء، أي: أتقنه وأحكمه (١).

«٢» قوله: ﴿ما أُخْفِيَ لَهُمْ﴾ قرأه حمزة بإسكان الياء. وقرأ الباقون بالفتح.

وحجة من أسكن الياء أنه جعل الهمزة للمخبر عن نفسه، فهو فعل مستقبل، سكنت الياء فيه، لاستثقال الضمّ عليها، فهو إخبار من الله جلّ ذكره عن نفسه بأنه أخفى عن أهل الجنة ما تقرّ به أعينهم، بدخول الجنة ونعيمها، والسلامة من النار وعذابها، ويقوّي الإخبار أنّ قبله إخبارا عن الله أيضا في قوله: ﴿لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ﴾ «١٣»، وقوله ﴿إِنّا نَسِيناكُمْ﴾ «١٤»، وقوله: ﴿بِآياتِنَا﴾ «١٥» وقوله: (و ﴿مِمّا رَزَقْناكُمْ﴾ «١٦»، فكلّه إخبار من الله عن نفسه، فجرى ما بعده عليه، وما في هذه


(١) التبصرة ٩٨ /ب، والتيسير ١٧٧، والنشر ٢/ ٣٣٣، والحجة في القراءات السبع ٢٦١، وزاد المسير ٦/ ٣٣٤، وتفسير ابن كثير ٣/ ٤٥٧، وتفسير النسفي ٣/ ٢٨٧، وكتاب سيبويه ١/ ٢٢٣.