للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الراء نقلا إلى لفظ الراء، وهي أقوى منهما فكان في الإدغام قوة للحرف الأول، وأيضا فإن لام التعريف تدغم فيهن. ولمّا كان حق الإدغام دخول الحرف الأول في لفظ الثاني يكلّيته أدغمت الغنة، التي في النون والتنوين معهما، في الراء واللام، ولم يبق للغنة لفظ، وكمل بذلك التشديد. وأجاز النحويون إظهار الغنة مع اللام خاصة، والذي أجمع عليه القراء إدغام الغنة مع الراء واللام، وذلك نحو قوله (١): ﴿مِنْ لَدُنْهُ﴾، و ﴿مِنْ رَبِّهِمْ﴾ (٢)، وذلك إجماع من القراء، والإظهار في مثل هذا يعده القراء لحنا لبعده من الجواز، وقد أتت به (٣) روايات شاذة غير معمول بها (٤). ولو وقعت النون الساكنة قبل الراء واللام في كلمة لكانت مظهرة، بخلاف وقوعها قبلهما في كلمتين. وعلة ذلك أنك لو أدغمت لالتبس بالمضاعف، ألا ترى أنك لو بنيت مثال «فنعل» من «علم» لقلت: «عنلم» بنون ظاهرة.

ولو أدغمت لقلت: «علّم» فيلتبس ب «فعّل»، فلا يدرى هل هو «فنعل» أو «فعّل»، وكذلك لو بنيت مثال «فنعل» من: شرك، لقلت: شنرك، بنون ظاهرة، ولو أدغمت لقلت «شرّك» فيلتبس ب «فعّل»، فلا يدرى هل هو «فعّل» أو «فنعل» (٥)، وهذا المثال لم يقرأ في القرآن.

«٣» الثالث: أن النون الساكنة والتنوين يدغمان في الميم وتبقى الغنة غير مدغمة، خارجة من الخياشيم، فينقص حينئذ التشديد، نحو قوله تعالى (١):

«مِنْ نُورٍ﴾، و ﴿مِنْ ماءٍ» (٦). والغنة التي كانت في النون باقية مع لفظ الحرف الأول،


(١) ب: «قولك» وتصويبه من: ص.
(٢) أول الحرفين في سورة النساء (آ ٤٠) وثانيهما في البقرة (آ ٥) وسيأتي ذكر هذا الحرف في الباب نفسه، الفقرة «٦»
(٣) ب: «وقرأت له» وتصويبه من: ص.
(٤) ذكر ابن الجزري أن بعض طرق هذه الروايات جاءت عن البزّي وعن غير حمزة والكسائي وخلف وهشام على ما رواه الهذلي في الكامل وعن أبي جعفر وعن ورش وسواهم انظر النشر ٢/ ٢٣
(٥) كتاب سيبويه ٢/ ٥٠٢
(٦) أول الحرفين في سورة إبراهيم (آ ٤٠)، وثانيهما في البقرة (آ ١٦٤)