للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشبهه. ومثل: «أأنذرتهم، وأأقررتم» (١) لأن حذف الأولى من هذا جائز، والوقف على الكلمة الأولى جائز، فالأولى كالمنفصلة من الثانية فيه، غير لازمة لها في كل حال، ففارق ذلك علة الهمزتين في «أادم، وأامن» ونحوه، وعلة ذلك أنه لمّا جاز انفصال الأولى من الثانية آل الأمر إلى جواز انفراد كل واحدة من الأخرى، وذلك غير ثقيل، فجاز الجمع بينهما محقّقتين، إذ الأولى في كلمة والثانية في كلمة أخرى. وهذا النوع على ضربين: ضرب من كلمتين، يجوز لك أن تقف على الهمزة الأولى وتفصلها من الثانية، فصار اجتماعهما في الوصل كأنه عارض، فحسن تحقيقهما في الوصل، إذ لا اجتماع لهما في الوقف، وإذ لا بدّ من تحقيقهما إذا وقفت على الأولى وابتدأت بالثانية، فجرى الوصل في حكم الوقف (٢) في هذا. والضرب الثاني هو ما اجتمعت الهمزتان فيه، في ظاهر اللفظ من كلمة، والتقدير في الأولى أنها منفصلة في النية، لأن لك حذفها في كلام العرب، ولأنها داخلة على الثانية (٣) قبل أن لم تكن فصارت بمنزلة ما هو من كلمتين، وذلك كل همزة استفهام دخلت على ما بعدها من همزة أخرى نحو:

«أأنذرتهم، وأأقررتم» وشبهه، الهمزة الأولى دخلت على «أنذر، وأقرر» قبل أن لم تكن. وقد قرئ بحذفها في «أأنذرتهم» (٤)، فهي بمنزلة همزة من كلمة أخرى، إذ الانفصال والزيادة فيها مقدران منويان، فصارت بمنزلة ما هو من كلمتين، فجاز تحقيقهما بخلاف الهمزتين اللتين لا يمكن أن يقدر في الأولى الانفصال من الثانية، ولا يمكن حذفها على وجه، إلا أن تلقى حركتها


(١) أول الحرفين في سورة البقرة (آ ٦) وثانيهما في آل عمران (آ ٨١)، وسيأتي ذكر الأول في «باب علة الاختلاف في الوقف على الهمز»، الفقرة «٧» وفي سورة الأعراف، الفقرة «٣٤».
(٢) ص: «حكم الوصل على حكم الوقف».
(٣) ب: «الأولى» ووجهه ما في: ص.
(٤) ذكر أبو علي مذهب أبي عمرو في القراءة في الدّرج، على ما حكي سيبويه، أنه يلقي حركة الهمزة الأولى على ما قبلها ويحذفها، انظر الحجة ١/ ٢١٦