للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«٣» فحجة من حقق الهمزتين في كلمة، وهي قراءة أهل الكوفة (١) وابن ذكوان (٢)، في نحو: «أأنذرتهم» وشبهه (٣)، أنه لمّا رأى الأولى في تقدير الانفصال من الثانية، ورآها داخلة على الثانية، قبل أن لم تكن، حقّق كما يحقق ما هو من كلمتين، وحسن ذلك عنده لأنه الأصل، وزاده قوة أن أكثر هذا النوع بعد الهمزة الثانية فيه ساكن، فلو خفّف الثانية، التي قبل الساكن، لقرب ذلك من اجتماع ساكنين (٤)، لا سيما على مذهب من يبدل من الثانية ألفا (٥)، فلمّا خاف اجتماع الساكنين حقّق، ليسلم من ذلك، ولأنه أتى بالكلمة على أصلها محققة، ولأنه لو خفّف الثانية لكانت بزنتها محققة. فالاستثقال (٦) في القياس مع التخفيف باق، ولذلك قرئ بإدخال ألف بين الهمزتين مع تخفيف الثانية، لأن الاستثقال (٦) مع التخفيف باق، إذ المخففة بزنتها محققة (٧).

«٤» وحجة من خفّف الثانية هو ما قدّمنا من استثقال الهمزة المفردة فتكريرها أعظم استثقالا، وعليه أكثر العرب، وهو مذهب نافع وابن كثير وأبي عمرو وهشام. وأيضا فإنه لمّا رأى العرب، وكلّ القراء قد خفّفوا الثانية، إذا كانت ساكنة استثقالا، كان تخفيفها إذا كانت متحركة أولى، لأن المتحرك أقوى من الساكن وأثقل، وأيضا فإن جماعة من العرب ومن القراء قد


(١) أهل الكوفة أو الكوفيون كما يذكر أحيانا حمزة والكسائي وعاصم.
(٢) اسمه عبد الله بن أحمد بن بشير أحد من روى القراءة عن ابن عامر، شيخ الإقراء بالشام، أخذ عرضا عن أيوب بن تميم. وقرأ على الكسائي وروى الحروف عن ابن المسيبي عن نافع، وعنه ابنه أحمد، وأحمد بن يوسف التغلبي وأبو زرعة الدمشقي وغيرهم، (ت ٢٤٢ هـ)، ترجم في طبقات القراء ١/ ٤٠٤.
(٣) التبصرة ١٩ /ب، والتيسير ٣٢، والنشر ١/ ٣٥٩
(٤) ص: «من اجتماعهما».
(٥) هو ورش، انظر مصادر الإحالة المتقدمة.
(٦) ص: «فالاستعمال».
(٧) هي قراءة قالون وأبي عمرو وهشام، انظر مصادر الإحالة المتقدمة في الفقرة ذاتها.