للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثقيل، وهذا ضد النظر والقياس؟

فالجواب أن الساكنة تجري في التخفيف على سنن واحد وقياس واحد، وهو البدل، فسهّل ذلك فيها، واستمر القياس في حكمها، فخصّها بذلك لجريها على حكم واحد، وهو البدل. والمتحركة ليست كذلك في التخفيف، بل تكون مرة بين الهمزة والألف، ومرة بين الهمزة والواو، ومرة بين الهمزة والياء، ومرة يلقي حركتها على ما قبلها، ومرة يبدل منها حرف غيرها، ومرة يدغم الحرف الذي قبلها فيما هو بدل منها، ومرة تحذف. فهي تجري على وجوه كثيرة مضطربة.

فلما رآها لا تستقر على أصل واحد، وتخفيفها أثقل وأصعب على القارئ من تحقيقها حققها، ولم يخففها. ولمّا رأى الساكنة تجري على سنن واحد، وقياس غير منخرم، وتخفيفها أسهل على القارئ من تحقيقها آثر تخفيفها مع روايته ذلك عن أئمته.

«١٢» فإن قيل: فما باله حقّق الساكنة التي سكونها بناء أو علم للجزم، وتخفيفها في الحكم مستمر جار على قياس واحد.

فالجواب أن ما سكونه علم للجزم، وما سكونه بناء، أصله كله الحركة، والسكون فيه عارض. ومن أصله أن يحقّق المتحركة، فحقّق هذه على ما كانت عليه في أصلها (١) قبل الجزم والبناء، وأيضا فإن هذين (٢) النوعين قد غيّرا مرة من الحركة إلى السكون، فكره أن يغيرهما مرة أخرى إلى البدل، فيقع في ذلك تغيّر بعد تغير، فيكون فيه إجحاف بالكلمة (٣).

«١٣» فإن قيل: فما باله حقّق «تؤويه، وتؤوي» وحقّق «مؤصدة» في الموضعين، وحقق «ورئيا» (٤) في مريم، والهمزة ساكنة فيها، يحسن فيها البدل ويتأتى؟.


(١) ص: «اصله».
(٢) لفظ «هذين» سقط من: ص.
(٣) التبصرة ٢٤ /ب، والتيسير ٣٦، والنشر ١/ ٣٨٦
(٤) تقدّم تخريج هذه الأحرف في الباب نفسه الفقرتين «١، ٦».