للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلّة من حققها ولم يخففها أنه لمّا كان أصلها الحركة أجراها في التحقيق على أصله في المتحركة، وأيضا فإنه لما رآها قد تغيّرت عن الحركة إلى السكون كره أن يغيرها مرة أخرى بالبدل، قياسا على مذهبه في تحقيق ما سكونه علم للجزم أو البناء، إذ قد حققه، ولم يخفّفه لتغيره مرة، فكره أن يغيّره مرة أخرى (١).

«١٥» فإن قيل: فما الاختيار في ذلك؟

فالجواب أن الاختيار في ذلك الهمز، لأنه الأصل، ولإجماع القراء عليه، ولأن التخفيف تغيير، فتركه أولى.

«١٦» فصل: قال أبو محمد: اعلم أيها الناظر في هذا الكتاب أني لا أعتمد على ترك الاعتداد بالعارض (٢) في كثير مما تقدّم وما يأتي، وربما اعتددت به قياسا على مذهب (٣) العرب في ذلك، فربما اعتدوا بالعارض في قليل من الكلام، ولا يعتدون به في أكثر الكلام. فمما اعتدوا فيه بالعارض قولهم: سل زيدا (٤)، اعتدوا (٥) بالفتحة التي على السين وهي عارضة، إنما هي حركة الهمزة، نقلت الى السين، فلذلك حذفوا ألف الوصل، وقالوا: لحمر جاء (٤)، فاعتدوا بالحركة التي على اللام، وهي عارضة، إنما هي حركة الهمزة من «أحمر» نقلت إلى اللام، فحذفوا ألف الوصل واستغنوا عنها بالحركة العارضة. ومن هذا قراءة نافع وأبي عمرو في «عادا الأولى» في «والنجم» (٦) بالإدغام، وذلك أنهما لمّا ألقيا حركة الهمزة على لام التعريف اعتدّوا بها، فحسن الإدغام


(١) التبصرة ٢٤ /أ - ب، والتيسير ٣٦، ٧٣، والنشر ١/ ٣٨٧، ٣٨٨، وإبراز المعاني ١١١
(٢) تقدّم الكلام على الاعتداد بالعارض وتركه في «باب المد وعلله وأصوله» الفقرة «٦» انظر التبصرة ٢٤ /أ - ٢٥ /ب، وكتاب سيبويه ٢/ ١٩٢، والكشف في نكت المعاني والإعراب ١٣٠ /أ - ب.
(٣) ص: «مذاهب».
(٤) سيأتي هذا المثال في آخر الفقرة «٥» من الباب التالي.
(٥) ص: «اعتدوا بالعارض وهو الفتحة».
(٦) هو الآية (٥٠)، انظر «باب المد علله وأصوله» الفقرة «٨».