للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوقف الذي من أجله جيء بها، ولولا الحاجة إليها في الوقف عليها لتظهر حركة الياء بها ما احتيج إليها، فهي حرف زائد للوقف. فمن ألقى عليها الحركة فقد جعلها كالأصل، وأثبتها في الوصل. وترك إلقاء الحركة عليها هو الاختيار فيها (١).

وعلى هذا الاختلاف اختلف في إدغام الهاء في الهاء، التي بعدها، في قوله:

﴿مالِيَهْ. هَلَكَ﴾ «الحاقة ٢٨، ٢٩»، والوجه والاختيار إظهارها لأن «الأولى» موقوف عليها في اللفظ والنية، وللوقوف جيء بها، فالثانية منفصلة منها، والإدغام لا يكون إلا مع اتصال الحرفين، وملاصقة الأول للثاني، فإذا كان الأول منفصلا من (٢) الثاني، بالوقف عليه، لم يكن سبيل للإدغام ألبتة. فأما من وصل الهاء في الموضعين بما بعدها، فقد غلط في ذلك، وأتى بغير الاختيار، ولكن الصواب، أن يوقف على الأول أبدا، وإن نوى الواقف عليها الوقف، وهو واصل، فهو أقرب للصواب. وقد (٣) قال المبرد وغيره إن من أثبت هذه الهاء، وشبهها من هاء الوقف التي للسكت، التي جيء بها لبيان حركة ما (٤) قبلها في وصله فقد لحن. وروي عنه أو عن بعض النحويين أنه صلى خلف إمام الصبح، فقرأ الإمام «الحاقة»، ووصل الهاءات اللواتي للسكت فيها بما بعدها، فقطع الصلاة، ورأى ذلك من أعظم اللّحن (٥). فالوقف على هاتين الهاءين هو وجه الصواب، والاختيار، وإذا كان الوقف هو الصواب فلا سبيل إلى إلقاء حركة الهمزة، ولا إلى الإدغام، لأن الهمزة تصير مبتدأ بها، وكذلك الهاء (٦).


(١) التبصرة ٢٥ /ب، والتيسير ٣٦، والنشر ١/ ٤٠٣، وإبراز المعاني ١٢١
(٢) ص: «عن».
(٣) لفظ «وقد» سقط من: ص.
(٤) ص: «الحركة التي».
(٥) ذكر الحريري في نحو هذا قوله: لحّنوا حمزة في قراءته: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، حتى قال أبو العباس المبرد: لو أني صليت خلف إمام فقرأ بها لقطعت صلاتي، انظر درّة الغواص ٣٧، وأيضا الكامل ٢/ ٥٦، والمقتضب ٤/ ٢٤٨
(٦) ص: «الهاء فافهم»، انظر التبصرة ٢٥ /ب، والتيسير ٣٦، والنشر ١/ ٤٠٢ - ٤١٢ وإبراز المعاني ٨٧ - ٩٠، ١٠٩، ١١٥