للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداهما أن همزة بين بين قريبة من الساكن، فكنت تجمع بين ساكنين، وجاز ذلك في الألف للضرورة، إذ لم يمكن أن تبدل من الهمزة حرفا، وتدغمه في الألف، لأن الألف لا تدغم، ولا يدغم فيها، لأن ذلك يوجب حركتها وإبدالها همزة، فتخرج عن لفظها وبنيتها، ويتغير الكلام، ولم يمكن إلقاء الحركة على الألف، لأنها تنقلب أيضا همزة، ولأن الألف في نية حركة، ولا تلقى حركة على حركة، وامتنع ذلك أيضا في الواو والياء الزائدتين للمد، لأنهما زيدا للمد كالألف، وهما أختا الألف في المد واللين وفي السكون، فلم يمكن إلقاء الحركة عليهما، ولا كون الهمزة بعدهما بين بين، فلم يبق إلا الحذف أو البدل، فبعد الحذف، لأنه إخلال بالكلمة، ولأنه لا يبقى ما يدلّ على المحذوف، فلم يبق إلا البدل، فأبدل من الهمزة حرف مثل الزائد الذي قبلها، وأدغم الأول في الثاني لاجتماع المثلين، والأول ساكن، ولكونهما في كلمة متلاصقين، وجاز في أختى الألف الإدغام، وهو لا يجوز في الألف، لأنهما قد يتحركان، وقد تتغيّر حركة ما قبلهما كسائر الحروف، ولأنهما في كلمة متصلتين لا يقدر فيهما الانفصال، فجاز فيهما ما يجوز في سائر الحروف عند اجتماع المثلين والأول ساكن، فالواو والياء أخذا بحظهما من مشابهتهما الألف، في امتناع إلقاء الحركة عليهما، كما امتنع ذلك في الألف، وأخذا بحظهما من مشابهتهما سائر الحروف، غير الألف، في جواز الحركة فيهما، وجواز تغير حركة ما قبلهما كسائر الحروف، فجاز أن يدغما كسائر الحروف، وهذا أصل في كثير (١) من الحروف، يكون فيه شبه من حرف وشبه من حرف آخر، فيحكم له مرة بشبهه أحدهما، ومرة بشبهه الآخر. وحكم ياء التصغير، تقع قبل الهمزة، فتخفّف الهمزة، حكم الزائد في الإبدال والإدغام، لأنها زائدة، زيدت لمعنى التصغير، كما زيدت ياء «خطية» لمعنى المد، لم يزادا ليلحقا بناء ببناء فيكونا كالأصول (٢).


(١) ب: «أصل كبير» وما في «ص» وجهه.
(٢) كتاب سيبويه ٢/ ١٩٣، والتبصرة ٢٨ /أ - ب، والتيسير ٣٩، والنشر ١/ ٤٢٥