للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الياء، بإمالة فتحة الهمزة نحو الكسرة، فلم يحتج إلى تغيير فتحة الراء، فإن وقع بعد الألف ساكن، فحذفت الألف، فحمزة وأبو بكر يبقيان الإمالة في الراء خاصة، على ما كانت مع الألف، لأن حذفها عارض، ولأن الإمالة قد تقوّت بثباتها في حرفين، ولبعد المحذوف من الأول، فكرها أن يزيلا الإمالة من حرفين، لزوال حرف عارض زواله، وأبقوا الإمالة في حرف واحد، بعيد من المحذوف. ولو كانت الإمالة في حرف واحد لأزالها أهل الإمالة عند حرف الألف نحو: «موسى الكتاب، ونرى الله، والنّصارى المسيح» (١) لأن الإمالة لم تقو في اللفظ، إنما هي من حرف واحد، أميل لأجل إمالة الألف، فلمّا حذفت الألف زالت الإمالة من الحرف الذي قبله، و «رأى» تمكّنت الإمالة مع الألف في حرفين، فلمّا حذفت الألف حذفا عارضا بقيت الإمالة في الراء، لتمكّنها في حرفين، وزالت الإمالة ممّا يقرب من المحذوف، وهو الهمز، لأن حذف الألف عارض، فاعرف الفرق بينهما، فإن وقفوا رجعوا في الإمالة إلى أصولهم، ومما أميل، لأن أصل ألفه الياء قوله: ﴿بَلْ رانَ﴾ (٢) «المطففين ١٤»، أماله أبو بكر وحمزة والكسائي (٣)، وهو من «الرّين» وهو الغلبة، تقول: ران، يرين، أي: غلب (٤). فالياء ظاهرة في مصدره وفعله، فلذلك أميل، ولم تمنعه فتحة الراء من الإمالة، لأن الألف أصلية، وأكثر ما تمنع فتحة الراء الإمالة في الألف الزائدة نحو: راق، ودوران، وشبهه.

«٣» ومن ذلك «أدراك، وأدراكم» (٥) حيث وقع، أصل ألفه الياء، لأنه من «دريت» ومن «الدراية» ومن «درى، يدرى» فالياء ظاهرة فيه.


(١) الحرفان الأولان في سورة البقرة (آ ٥٣، ٥٥)، التوبة (آ ٣٠)
(٢) سيأتي ذكر الحرف في سورة الكهف، الفقرة «٣».
(٣) التبصرة ٣٩ /ب، والتيسير ٥٠، والنشر ٢/ ٥٨.
(٤) ومنه رين النّفس أي خبثها وغثاثتها، وأران القوم هلكت ماشيتهم، ورين الخمرة على العقل غلبتها، انظر القاموس المحيط «ران»، وتفسير غريب القرآن ٥١٧
(٥) أول الحرفين في سورة الحاقة (آ ٣) وثانيهما في يونس (آ ١٦)، وسيأتي ذكرهما في سورة يونس، الفقرة «٤، ٥».