للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في المستقبل قلت: أخاف، فأوله مفتوح، ولا سبيل إلى إمالته، لامتناع وجود إحدى العلتين فيه. ومثله «يخاف، ويخافا» (١) وشبهه لا يمال لما ذكرنا.

«٤» فإن قيل: لم أمال أبو الحارث «رؤياي» مثل الدّوري ولم يمل «رؤياك» (٢)؟

فالجواب أنه لما كانت «رؤياي» في موضع خفض أمالها في قوله: «رؤياي، وتأويل رؤياي» (٣)، ولمّا كانت «رؤياك» في موضع نصب لم يملها للفرق بين ما هو في موضع خفض، وما هو في موضع نصب.

«٥» فإن قيل: لم فتح حمزة ياءات «الرؤيا» كلها، وألفها ألف تأنيث؟

فالجواب أنه فتح لأن تقريب الياء إلى الكسر ثقيل، ففتح للاستخفاف، لأن الفتح على الياء أخفّ من الكسر، مع أن الهمزة قبل الياء فيه ثقيلة، فلمّا اجتمع علتان فتح.

«٦» فإن قيل: لم لم تمل ألف التثنية عند القراء، وهي تنقلب ياء في النصب والخفض، وذلك نحو قوله: «اثنتا عشرة، وقال رجلان» (٤) وشبهه؟

فالجواب أن ألف التثنية إنما هي حرف إعراب، أو دلالة على الإعراب زائدة، لا أصل لها في الياء، وإنما انقلبت ياء في النصب والخفض لتدل على الإعراب، فليس انقلابها علة تدل على أصلها، إذ لا أصل لها في الياء، وإنما انقلابها ياء تدلّ به على النصب والخفض لا غير، فلمّا كانت ألف التثنية، لا أصل لها في الياء، لم تجز الإمالة فيها عند القراء، وقد تجوز في الكلام لعلة غير هذا.


(١) أول الحرفين في سورة طه (آ ١١٢)، وثانيهما في البقرة (آ ٢٢٩).
(٢) تقدّم تخريج هذين الحرفين في «باب أقسام العلل» الفقرة «٣». وانظر مصادر الإحالة في الفقرة نفسها.
(٣) الحرفان في سورة يوسف (آ ٤٣، ١٠٠).
(٤) الحرف الأول في سورة البقرة (آ ٦٠)، والثاني في المائدة (آ ٢٣).