للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوي الحائل لذلك، فغلّظت الراء، ولم تعمل الكسرة في الراء لضعفها وبعدها، وقوة الحائل.

«٨» ومما خرج عن هذه الأصول ما تكرّرت فيه الراء، والثانية مفتوحة أو مضمومة، وقبل الراء الأولى كسرة، أو ساكن قبله كسرة، فغلّظه ورش كسائر القراء، وذلك نحو: «مدرارا، وقرارا، والقرار» (١). وعلة ذلك أن الراء الثانية، لما كانت مفتوحة، وهي حرف تكرير، كانت الفتحة عليها مقام فتحتين، فقويت الفتحة في الراء الأولى، لقوتها أيضا في التكرير، وزادها قوة قوة الفتحة في الراء الثانية، والألف التي بينهما من الفتحة، فكأنه اجتمع خمس فتحات، والتغليظ مع الفتح يكون، فقوي التغليظ لذلك، وضعفت الكسرات التي قبل الراء لتكرير الفتحات بعدها، فكان التغليظ في الراء أقوى وأولى لذلك، وإذ هو الأصل وعليه كل القراء. فأما قوله تعالى: ﴿بِشَرَرٍ﴾ (٢) فإن ورشا تفرّد فيه يترقيق الراء الأولى. وعلة ذلك أن الراء الأولى، لمّا أتى بعدها راء مكسورة وهي حرف تكرير، والكسرة عليها مقام كسرتين ولم (٣) يحل بينهما حائل، قويت الكسرة، فعملت في الراء الأولى، فقرّبت فتحة الأولى إلى الترقيق، الذي هو بين اللفظين، ليقرب من كسرة الراء الثانية، فيعمل اللسان عملا، يقرب بعضه من بعض (٤).

فأما الراء الثانية فلا اختلاف في ترقيقها، لأنها مكسورة، ولأنها، إذا كان يرقق من أجلها ما قبلها، فهي أولى بالترقيق، وأحرى أن لا تكون غير مرقّقة، وترقيقها إجماع من القراء. وعلة ذلك أن التفخيم ضرب من إشباع الفتح، فلو فخّمت المكسورة لأدخلت فيها طرفا من الفتح، وهذا لا يتمكّن، ولا يقدر عليه، ولا هو


(١) الأحرف على ترتيبها في سورة الأنعام (آ ٦)، النمل (آ ٦١)، إبراهيم (آ ٢٦).
(٢) الحرف في سورة المرسلات (آ ٣٢).
(٣) ب: «لم» وبالواو وجهه كما في: ص.
(٤) قوله: «كسرة الراء .. بعض» سقط من: ص.