للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجرى الثاني على معنى الأول، ويدلّ على ذلك قوله لنبيه : ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ﴾ «الأنفال ٦٢» فالخداع منهم خاصة كان (١)، وقد أجمعوا على: ﴿وَهُوَ خادِعُهُمْ﴾ «النساء ١٤٢» من «خدع» (٢)، وأيضا فإن الإخبار جرى عنهم في صدر الآية بالمخادعة لله، فيبعد أن تنفي عنهم تلك المخادعة التي أوجبها لهم، وأخبرنا عنهم بالمخادعة في صدر الآية. ومعنى «يخادعون الله» أي: أولياء الله وأنبياء الله (٣)، ومعنى الخداع إظهار خلاف ما في النفس (٤)، والنبيّ والمؤمنون لا يفعلون معهم هذا (٥).

«٣» وعلة من قرأه بألف إنما لمّا كان «يخادعون ويخدعون» في اللغة بمعنى واحد أجرى الثاني على لفظ الأول إذ (٦) معناهما «يخدعون أولياء الله»، فذلك أحسن في المطابقة والمشاكلة بين الكلمتين، أن تكونا بلفظ واحد. وأيضا فإن المبرّد قال: معناه «وما يخادعون بتلك المخادعة المذكورة أولا إلا أنفسهم، إذ وبالها راجع عليهم» (٧) فوجب ألا يختلف اللفظ، لأن الثاني هو الأول. وقد قال أبو عمرو: ليس أحد يخدع نفسه، وإنما يخادعها، فوجب أن يقرأ: «وما يخادعون إلا أنفسهم» إذ لا يخدعون أنفسهم [إنما يخادعونها] (٨).

قال أبو محمد: وقراءة من قرأ بغير ألف أقوى في نفسي، لأن الخداع فعل


(١) زاد المسير ٣/ ٣٧٦، وتفسير ابن كثير ٢/ ٣٢٣
(٢) زاد المسير ٢/ ٢٣١، والنشر ٢/ ٢٠٠
(٣) ذكره ابن الجوزي عن الزّجاج في زاد المسير ١/ ٢٩، انظر أيضا تفسير ابن كثير ١/ ٤٨
(٤) زاد المسير ١/ ٣٠، وتفسير النسفي ١/ ١٩، وتفسير ابن كثير ١/ ٤٨
(٥) زاد المسير ٢/ ٢٣١
(٦) لفظ «اذ» سقط من: ص.
(٧) أورد هذا المعنى ابن الجوزي بنص قريب غير معزو في زاد المسير ١/ ٣٠، وكذلك ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن ٤٠، وانظر تفسير النسفي ١/ ١٩
(٨) تكملة موضحة من: ص.