للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«٣١» وعلة من أتمّ الحركة، لم يسكن، ولا اختلس أنه أتى بالكلمة على أصلها، وأعطاها حقها من الحركات، كما يفعل بسائر الكلام، ولم يستثقل توالي الحركات، لأنها في تقدير كلمتين، المضمر كلمة، وما قبله كلمة، ولأن حذف الإعراب إنما (١) يجوز في الشعر، ولا يحمل القرآن على ما يجوز في الشعر، وأيضا فإنه فرّق بين حركة الإعراب، التي تدل على معنى، وبين حركة البناء، التي لا تدل على معنى في أكثر الكلام، وأنه فرّق أيضا بين حركة البناء، التي لا تتغير عن حالها، وبين حركة الإعراب، التي تتغير، وتنتقل عن حالها، فألزم حركة الإعراب ترك التغييرين، إذ هي تتغير، فلم يجز أن يلحقها تغيير آخر، وجوز ذلك في حركة البناء، إذ لا تتغير. وأجاز أن تغيّر بالإسكان استخفافا. وأيضا فإن عليه الجماعة. والإسكان في «أرنا» و «أرني» أخفّ من (٢) الإسكان في «يأمركم، وبارئكم» وشبهه لأن تلك حركة بناء، لا تتغير. وهذه حركة إعراب تتغير، وتنتقل، وإسكان حرف الإعراب بعيد ضعيف. وإسكان حركة البناء، إذا استثقلت، مستعمل كثير، لأن قولك: «أرني» بمنزلة «كتفي»، و «أرنا» بمنزلة «كتفا». والعرب تسكن الثاني من هذا استخفافا، فحمل «أرني، أرنا» على ذلك، لأن الكسرة في كل ذلك بناء. والاختيار تمام الحركات، لأنه الأصل، وعليه جماعة القراء، وهو اختيار اليزيدي، ولأن الإسكان إخلال بالكلام، وتغيير للإعراب، والاختلاس فيه تكلّف وتعمّد ومؤونة، وهو خارج عن الأصول، قليل العمل به، قليل الرواية [له] (٣). وقد اختار أبو أيّوب (٤) إشباع الحركة في «أرنا»، وهو الأصل والاختيار (٥).


(١) ب: «أيضا» وتصويبه من: ص.
(٢) ص: «ليس من».
(٣) تكملة مناسبة من: ص.
(٤) هو سليمان بن أيوب الخيّاط، أحد العراقيين الرواة عن اليزيدي، وتقدّمت ترجمته.
(٥) الحجة في القراءات السبع ٥٤، وزاد المسير ١/ ٨٢، المختار في معاني -