للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«٤٣» قوله: (خطيئته) قرأه نافع بالجمع، حمله على معنى الإحاطة، والإحاطة إنما تكون بكثرة المحيط، فحمله على معنى الكبائر، والسيئة الشرك.

فالمعنى: بلى من كسب شركا وأحاطت بن كبائره فأحبطت أعماله، فأولئك أصحاب النار، والهاء في «خطيآته» بمعنى الجمع، تعود على «من»، و «من» للجماعة، يدل على ذلك قوله: ﴿فَأُولئِكَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾. وقرأ الباقون بالتوحيد على [أن] (١) تأويل الخطيئة الشرك، فوحّدوه على هذا المعنى، وتكون السيئة الذنوب، وهي بمعنى السيئات، ويجوز أن تكون الخطيئة في معنى الجمع، لكن وحّدت، كما وحّدت السيئة، وهي بمعنى الجمع، فتكون كالقراءة بالجمع في المعنى، وحسن انفراد لفظ الخطيئة، وهي بمعنى الجمع، لإضافتها إلى مفرد في اللفظ بمعنى الجمع. وقد يجوز أن يكون لفظ الخطيئة مفردا، يراد به الكثرة، كما قال: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها﴾ «إبراهيم ٣٤» أي: نعم الله، لأن المعدود لا يكون إلا كثيرا، فتكون «الخطيئة» الكبائر و «السيئة» الذنوب (٢).

«٤٤» قوله: ﴿لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ﴾ قرأه ابن كثير وحمزة والكسائي بالياء، ردّوه إلى لفظ الغيبة الذي قبله، في قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ﴾، وقرأه الباقون بالتاء حملوه على الخطاب (٣)، وعلى ما بعده من الخطاب في قوله: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾ وقوله: ﴿وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ﴾ وقوله: (و ﴿مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ﴾ «٨٥» ووقوع الأمر بعده، يدلّ على قوة الخطاب، وذلك قوله:

﴿وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ﴾ فجرى صدر الكلام في ذلك على حكم آخره. وأيضا فإن نظائر هذا المعنى أتى على لفظ المخاطبة في


(١) تكملة لازمة من: ص.
(٢) التبصرة ٥١ /ب، والتيسير ٧٤، والنشر ٢/ ٢١٠، والحجة في القراءات السبع ٥٩، وزاد المسير ١/ ١٠٨، وتفسير ابن كثير ١/ ١١٩، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٨ /أوالكشف في نكت المعاني والإعراب ٨ /ب.
(٣) ص: «لفظ الخطاب»، انظر تفسير مشكل إعراب القرآن ١٥ /ب.