للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بفتح السين، حيث وقع، إذا كان مستقبلا، وكسر الباقون، وهما لغتان مشهورتان، يقال: حسّب يحسب ويحسب. والفتح أقوى في الأصول، لأن «فعل» في الماضي إنما يأتي مستقبله على «يفعل» بالفتح في الأكثر، والكسر فيه لغة شذّت عن القياس، وله نظائر أتت بالكسر في المستقبل والماضي مسموعة، وروي أن النبي كان يقرأ بكسر السين، وهي لغة حجازية، وهو الاختيار (١).

«١٩٩» قوله ﴿فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ﴾ قرأه أبو بكر وحمزة بالمدّ، وكسر الذال، وقصره الباقون، وفتحوا الذال.

«٢٠٠» ووجه القراءة بالقصر أنه أمر للمخاطبين بترك الرّبا، أمروا أن يعلموا ذلك هم أنفسهم. فالمعنى: فإن لم تتركوا الربا فأيقنوا بحرب من الله ورسوله. فهم المقصودون بأن يعلموا ذلك في أنفسهم، إن لم يتركوا الربا.

«٢٠١» ووجه القراءة بالمدّ أنه جعله أمرا للمخاطبين بترك الربا، أن يعلموا بذلك غيرهم، ممّن هو على مثل حالهم في المقام (٢) على الربا. فالمدّ يتضمن معنى القصر، لأنهم إذا أعلموا غيرهم بالحرب من الله ورسوله فقد علموا هم ذلك، إن أقاموا على فعل الربا، وليس في علمهم ذلك، لأنفسهم، دلالة على إعلام غيرهم. فالمدّ أعم وآكد في أنهم، إن لم يتركوا الربا في أنفسهم (٣)، ويتركه غيرهم، ممّن هو على مثل حالهم فالحرب من الله ورسوله لازم لهم، نازل عليهم، وعلى من هو مثلهم. ولولا أن الجماعة على القصر لكان الاختيار المدّ. وبالقصر قرأ علي بن أبي طالب وأبو عبد الرحمن والأعرج وشيبة وعيسى وأبو جعفر، وبالمدّ قرأ طلحة والأعمش. واستبعد أبو حاتم المدّ، إذ الأمر فيه لغيرهم بالحرب (٤)، والمراد هم، وهم (٥) المخاطبون بترك الربا. والمدّ حسن في


(١) أدب الكاتب ٣٧٢، وزاد المسير ١/ ٣٢٨، وتفسير النسفي ١/ ١٣٧، والقاموس المحيط «حسب»، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٦ /ب.
(٢) قوله: «في المقام» سقط من: ص.
(٣) قوله: «في أنفسهم» سقط من: ص.
(٤) ص: «أبو حاتم انفراد الأمر فيه لغيرهم بالجواب».
(٥) لفظ «وهم» سقط من: ص.