للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

موضع (١)، وشدّد ذلك الباقون، غير أن أبا عمرو وابن كثير خفّفا الذي في الشورى خاصة. والتخفيف والتشديد لغتان مشهورتان، يقال: بشر يبشر، وبشّر يبشّر مبشّرا وبشورا. وأنكر أبو حاتم التخفيف، وقال: لا نعرف فيه أصلا يعتمد عليه، وهي لغة مشهورة. وأكثر ما وقع في القرآن، ممّا أجمع عليه التشديد نحو: ﴿فَبَشِّرْ عِبادِ. الَّذِينَ﴾ «الزمر ١٧، ١٨» و ﴿فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ﴾ «يس ١١» ومثله كثير بالتشديد، وفيه لغة ثالثة وهي «أبشر» قال الله جلّ ذكره: ﴿وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ﴾ «فصّلت ٣٠» (٢).

«٢٨» قوله: ﴿وَيُعَلِّمُهُ﴾ «٤٨» قرأ نافع وعاصم بالياء، وقرأ الباقون بالنون.

«٢٩» وحجة من قرأ بالياء أنه ردّه على لفظ الغيبة التي قبله في قوله:

﴿أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ﴾ أي: يبشرك بعيسى، ويعلّمه الكتاب. وأيضا فإن قبله:

﴿كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ﴾ «٤٧»، وقوله: ﴿إِذا قَضى أَمْراً﴾، فكلّه بلفظ الغيبة، فجرى «ويعلمه» على ذلك.

«٣٠» وحجة من قرأ بالنون أنه حمله على الإخبار لها من الله عن نفسه (٣) أنه يعلّمه الكتاب، وحسن ذلك، لأن قبله إخبارا من الله عن نفسه، في قوله تعالى ﴿قالَ كَذلِكِ اللهُ﴾ (٤).

«٣١» قوله: ﴿أَنِّي أَخْلُقُ﴾ «٤٩» قرأه نافع بالكسر، وفتح الباقون.

فمن فتح جعل الكلام متصلا، فأبدل «أن» من «آية» فصار التقدير: جئتكم بأني أخلق، ف «أن» في موضع خفض، وهو بدل الشيء من الشيء، وهو هو.

ومن كسر جعل الكلام مستأنفا، مبتدأ به، فكسر «أن»، ويجوز أن تكون «أن»


(١) وهي على ترتيبها (آ ٣٩، ٤٥، ٩، ٢، ٢٣).
(٢) التبصرة ٥٩ /أ - ب، وأدب الكاتب ٣٥٤، والقاموس المحيط «بشر».
(٣) ص: «نفسه بنون العظمة».
(٤) مرّ له نظير في سورة البقرة الفقرة «١٩١» وسيأتي في سورة النساء، الفقرة «٧٧» وانظر التبصرة ٥٩ /ب، والتيسير ٨٨، والحجة في القراءات السبع ٨٥، وزاد المسير ١/ ٣٩١، وتفسير ابن كثير ١/ ٣٦٤، وتفسير النسفي ١/ ١٥٨