«١١» قوله: (فلأمه، في أمها، و ﴿بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ﴾ (١) قرأ حمزة والكسائي بكسر الهمزة، في المفرد والجمع، في الوصل خاصة، وتفرّد حمزة بكسر الميم مع الهمزة في الجمع، وذلك حيث وقع، وذلك إذا كان قبل الهمزة كسرة أو ياء، وقرأ ذلك كله الباقون بضم الهمزة، وكلهم ضمّ الهمزة في الابتداء.
«١٢» وحجة من كسر الهمزة أنه اسم كثر استعماله، والهمزة حرف مستثقل بدلالة ما أجازوا فيها من البدل والتخفيف والحذف ونقل الحركة، دون غيرها من سائر الحروف. فلمّا وقع أول هذا الاسم، وهو «أم» حرف مستثقل، وكثر استعماله، وثقل الخروج من كسر، أو ياء، إلى ضم همزة، وليس في الكلام «فعل»، فلمّا اجتمع هذا الثقل أرادوا تخفيفه، فلم يمكن فيه الحذف، لأنه إجحاف بالكلمة، ولا أمكن تخفيفه، ولا بدله، لأنه أول، فغيروه بأن أتبعوا حركته حركة ما قبله، ليعمل اللسان عملا واحدا، والياء كالكسرة، فإذا ابتدؤوا ردّوه إلى الضم، الذي هو أصله، إذ ليس قبله في الابتداء ما يستثقل.
وقد فعلوا ذلك في الهاء في «عليهم وبهم» أتبعوا حركته حركة ما قبلها، وأصلها الضم، والإتباع في كلام العرب مستعمل كثير.
«١٣» وحجة من كسر الميم مع الهمزة في الجمع أنه أتبع حركة الميم حركة الهمزة، كما قالوا «عليهي» وكسروا الهاء للياء، وأتبعوا حركة الميم حركة الهاء.
فمن قال «عليهمي» بكسر الهاء والميم، هو بمنزلة من كسر الهمزة والميم في قوله:
﴿بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ﴾ «النحل ٧٨»، ومن كسر الهاء وضمّ الميم في «عليهمو» هو بمنزلة من كسر الهمزة وفتح الميم، في قوله: ﴿بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ﴾، ومن ضم الهمزة وفتح الميم في «بطون أمهاتكم»، وهو الأصل، بمنزلة من قال «عليهمو» بضم الهاء والميم، فهو الأصل، إلا أن تغيير الهاء، مع الكسرة والياء، أقوى وأكثر وأشهر من تغيير الهمزة مع الياء والكسرة، وذلك لخفاء الهاء وجلادة الهمزة.
(١) الحرفان الآخران أولهما في سورة القصص (آ ٥٩)، وثانيهما في النحل (آ ٧٨)، وسيأتي ذكره في أول سورة النجم.