للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«١٩» وحجة من قرأ بالنون أنه أخرج الكلام على الإخبار من الله جل ذكره عن نفسه، بعد لفظ الغيبة، وذلك مستعمل كثير، قال الله جلّ ذكره:

﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ وَلِقائِهِ﴾ «العنكبوت ٢٣» فجرى الكلام على لفظ الغيبة ثم قال: (أولئك يئسوا من رحمتي) فرجع بالكلام إلى الإخبار من الله عن نفسه، فكذلك هذا. وقال تعالى ذكره: ﴿بَلِ اللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النّاصِرِينَ﴾ «آل عمران ١٥٠» فأتى الكلام على لفظ الغيبة، ثم قال: ﴿سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ﴾ «١٥١» فرجع الكلام إلى الإخبار من الله جلّ ذكره عن نفسه.

«٢٠» وحجة من قرأ بالتاء أنه ردّ آخر الكلام على أوله، فلمّا أتى أوله بلفظ الغيبة في قوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾، و ﴿مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ قال:

«يعذبه، ويدخله، ويكفر» بلفظ الغيبة، ليأتلف الكلام على نظام واحد، وهو الاختيار، لأن أكثر القراء عليه، ولأنه أليق بسياق الكلام (١).

«٢١» قوله: ﴿وَالَّذانِ يَأْتِيانِها﴾ قرأ ابن كثير بتشديد النون، ومثله «هذان، وهاتين، وفذانك، واللّذين» (٢)، ووافقه أبو عمرو على التشديد في «فذانك» خاصة، وقرأ ذلك (٣) الباقون بالتخفيف.

«٢٢» وحجة من شدّد النون أن في ذلك ثلاثة أقوال: الأول أنه شدد النون، ليكون التشديد عوضا من الحذف، الذي دخل هذه الأسماء المبهمة في التثنية، لأنه قد حذف ألف منها، لالتقاء الساكنين، وهما الألف التي كانت في آخر الواحد، وألف التثنية، فجعل التشديد في النون عوضا من المحذوف. الثاني أن التشديد وجب لهذه النون، للفرق بين النون، التي هي عوض من تنوين ملفوظ به في الواحد، نحو: زيد وعمرو [وبين النون التي] (٤) لا تنوين في الواحد


(١) المختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٢٤ /أ، وزاد المسير ٢/ ٣٣
(٢) الأحرف على ترتيبها في سورة طه (آ ٦٣)، القصص (آ ٢٧، ٣٢)، فصلت (آ ٢٩).
(٣) لفظ «ذلك» سقط من: ص.
(٤) تكملة لازمة من: ص.