للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

على خبر «كان» وحسن الإضمار، لتقدّم ذكر «مثقال ذرة»، فالتقدير:

وإن تكن الحسنة مثل ذرة. وإنما جعلت الحسنة هي الاسم، وقد كانت خبرا، لأنها هي مثقال الذرة، فقدّمت الحسنة، وجعلتها الاسم، لإجماعهم على التاء في «تك» وحسن ذلك لأنها هي مثقال الذرة ولو أضمرت المثقال لقبح الإتيان بالتاء في «تك» فأضمرت ما يليق بالتاء، وهو الحسنة، وجعلت «مثقال ذرة» الخبر، لأنه هو الحسنة، فكل واحد محمول على الآخر، وهو هو، ودلّ على هذا التقدير ثبوت التاء في «تك»، وإجماعهم على قوله: ﴿مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها﴾ «الأنعام ١٦٠» فالتضعيف في هذا بعشرة أمثال كالتضعيف في قوله: (يضاعفها) (١).

«٤٩» قوله ﴿تُسَوّى بِهِمُ الْأَرْضُ﴾ قرأه نافع وابن عامر بفتح التاء، مشدّد السين، وقرأه حمزة والكسائي كذلك، إلا أنهما خفّفا السين وأمالا. وقرأ الباقون بضم التاء، وتخفيف السين.

«٥٠» وحجة من قرأ بضم التاء أنه جعله فعلا لم يسمّ فاعله، من التسوية، مثل قوله: ﴿عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ﴾ «القيامة ٤» وأقام «الأرض» مقام الفاعل، على معنى: لو يجعلون والأرض سواء، أي ترابا، كما فعل بالبهائم، ودليله قوله: ﴿وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً﴾ «النبأ ٤٠».

«٥١» وحجة من فتح التاء، وشدّد السين أنه بنى الفعل على «يتفعل» فأسنده إلى «الأرض»، فارتفعت بفعلها، وأصله «تتسوى» ثم أدغم التاء، وهي الثانية، في السين، فهو في العلة والحجة مثل «تساءلون به» ومثل «تظاهرون»، وقد مضى تفسيره (٢). وفي الكلام اتساع، وذلك أنه جعل «الأرض تتسوى بهم»، وليس لها فعل، والمراد به المخبر عنهم، وهم الذين كفروا، يودون: لو يصيرون يتسوون بالأرض، وهو مثل: ألقم فاه الحجر،


(١) زاد المسير ٢/ ٨٤، والنشر ٢/ ٢٤١، وتفسير النسفي ١/ ٢٢٦، وجاء بآخر الفقرة المتقدمة في «ب» مايلي: اول التاسع.
(٢) راجع الفقرة «١» من هذه السورة.