للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٤» قوله: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ قرأه نافع وابن عامر والكسائي وحفص بالنصب. وقرأ الباقون بالخفض.

وحجة من خفضه أنه حمله على العطف على «الرؤوس» لأنها أقرب إلى الأرجل من الوجوه، والأكثر في كلام العرب أن يحمل العطف على الأقرب من حروف (١) العطف ومن العاملين، ألا نرى إلى قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ﴾ «الجن ٧» فأعمل «ظننتم» في «أن» لقربها منها، ولم يعمل «ظنوا»، ولو أعمل «ظنوا» في «أن» لوجب أن يقال:

كما ظننتموه. فالعامل في «أن» «ظننتم» دون «ظنوا» لقربها. ومثله في إعمال القريب دون البعيد: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ﴾ «النساء ١٧٦» فعلّق الحرف ب «يفتيكم» لقربه منه، ولو علّقه ب «يستفتونك» لقال: يفتيكم فيها في الكلالة. وهو كثير في الكلام والقرآن، لكن لمّا حمل «الأرجل» على «الرؤوس» في الخفض على «المسح» قامت الدلالة من السّنة والإجماع، ومن تحديد الوضوء في الأرجل مثل التحديد في الأيدي المغسولة، على أنه أراد بالمسح الغسل والعرب تقول: تمسّحت للصلاة، أي توضأت لها. وقد قال أبو زيد: إن المسح خفيف الغسل. وقد قال أبو عبيد في قوله تعالى: ﴿فَطَفِقَ مَسْحاً﴾ «ص ٣٣» إن معنى المسح الضرب، فقد صار المسح يستعمل في الغسل، وكذلك مسح الأرجل مستعمل في الغسل نفسه، وبذلك قرأ الحسن (٢) والحسين (٣) وأنس بن مالك وعلقمة والشّعبي والحسن والضّحاك ومجاهد.


(١) ب: «حرف» ورجحت ما في: ص.
(٢) الحسن بن علي بن أبي طالب، حدّث عن جده رسول الله وأبيه وامه، وعنه ابنه الحسن وسويد بن غفلة والشعبي وسواهم، سيد شباب أهل الجنة، (ت ٥٠ هـ)، ترجم في سير أعلام النبلاء ٣/ ١٦٤، وطبقات خليفة ١١
(٣) الحسين بن علي بن أبي طالب، له أحاديث عن جده رسول الله ، وعن أبيه وامه، وعنه ولداه علي وفاطمة والشعبي وعكرمة، سيد شباب أهل الجنة، استشهد بكربلاء (٦١ هـ). ترجم في سير أعلام النبلاء ٣/ ٨٨، وطبقات القراء ١/ ٢٤٤