للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحجة من أظهر دالين أن الإدغام، إنما أصله إذا كان الأول ساكنا فيدغم الأول في الثاني، فلمّا كان الثاني في هذا هو الساكن أوثر الإدغام، لئلا يدغم، فيسكن الأول للإدغام، فيجتمع ساكنان، فكان الإظهار أولى به، وهي لغة أهل الحجاز، مع أن الإدغام يحتاج إلى تغيير بعد تغيير، فكان الإظهار أولى (١)، وهو الأصل، وكذلك هي بدالين في مصاحف أهل المدينة والشام.

«٢٢» وحجة من أدغم أنه أراد التخفيف لمّا اجتمع له مثلان فأسكن الأول للإدغام، فاجتمع له ساكنان، فحرّك الثاني، ثم أدغم الأول فيه، وهي لغة بني تميم، وهي بدال واحدة في مصاحف أهل الكوفة والبصرة ومكة، والإظهار أحب إليّ لأنه الأصل ولأنه لا تغيير فيه (٢).

«٢٣» قوله: ﴿وَالْكُفّارَ أَوْلِياءَ﴾ قرأه أبو عمرو والكسائي بالخفض، ونصبه الباقون.

وحجة من خفضه أنه عطفه على أقرب العاملين منه، وهو قوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا﴾ فنهاهم الله أن يتخذوا اليهود والمشركين أولياء، وأعلمهم أن الفريقين اتخذوا دين المؤمنين هزوا ولعبا، ولمّا كانت فرق الكفار ثلاثا: مشرك ومنافق وكتابي، وكل هذه الفرق قد اتخذت دين المؤمنين هزوا بدلالة قوله: ﴿مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ﴾، و (الكفار) بدلالة قوله في المنافقين أنهم قالوا: ﴿إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ﴾ وبدلالة قوله: ﴿إِنّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ. الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ﴾ «الحجر ٩٥، ٩٦» فقد أخبر عن الكفار بالاستهزاء، فحسن دخولهم في هذه الآية، في الاستهزاء أيضا مع الذين أوتوا الكتاب، وهم اليهود، فجعل النوعين تفسيرا للموصول، وهو قوله: ﴿لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً﴾ ثم فسّرهم بنوعين: بيهود ومشركين، فوجب الخفض على (٣) العطف على قوله:

(من الذين)، لظهور المعنى وقوته، ولقرب المعطوف عليه من المعطوف.


(١) ص: «أولى به».
(٢) زاد المسير ٢/ ٣٨٠، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٢٩ /أ، والنشر ٢/ ٢٤٦، وكتاب سيبويه ٢/ ٤٩٥، وفضائل القرآن ٩١ /ب.
(٣) قوله: «الخفض على» سقط من: ص.