للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأبقى الصلة، فهو قبيح جائز على بعده، ولذلك كثر الاختلاف في هذا الحرف، فقرئ على أحد عشر وجها، ووحّد الضمير في القراءتين، حملا على لفظ «من»، وهو الاختيار، لأن عليه الجماعة، وهو أبين في المعنى، لأن التقدير:

من لعنه الله، ومن غضب عليه، ومن جعل منهم القردة والخنازير، ومن عبد الطاغوت، فهو أبين في المجانسة والمطابقة، وحمل آخر الكلام على مثال (١) أوله (٢).

«٢٧» قوله: (رسالته) قرأه نافع وابن عامر وأبو بكر بالجمع، وكسر التاء، وقرأ الباقون بالتوحيد، وفتح التاء، وفي الأعراف (برسالاتي) «١٤٤» (٣) قرأه الحرميان بالتوحيد، وقرأه الباقون بالجمع.

وحجة من قرأ بالجمع أنه لمّا كانت الرسل، يأتي كل واحد بضروب من الشرائع المرسلة معهم مختلفة، حسن جمعه ليدلّ على ذلك، إذ ليس ما جاءوا به رسالة واحدة، فحسن الجمع لمّا اختلفت الأجناس.

«٢٨» وحجة من وحّد أن الرسالة على انفراد لفظها تدلّ على الكثرة، وهي كالمصدر في أكثر الكلام، لا تجمع ولا تثنّى لدلالته على نوعه بلفظه، لكن جاز جمعه في هذا لمّا اختلفت أنواعه وأجناسه، فتشابه المفعول فجمع، فهي تدل على ما يدل عليه لفظ الجمع، وهي أخفّ، ألا ترى إلى قوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ﴾ «إبراهيم ٣٤» والنعم كثيرة (٤)، والمعدود لا يكون إلا كثيرا، لكن الواحد يدل على الجمع، والاختيار لفظ الجمع في هذه السورة، لأن المعنى عليه، لكثرة الرسل، وكثرة ما أرسلوا به، فأما في الأعراف فالاختيار التوحيد، لأن


(١) لفظ «مثال» سقط من: ص.
(٢) التبصرة ٦٥ /ب، وزاد المسير ٢/ ٣٨٨، وتفسير ابن كثير ٢/ ٧٤، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٢٩ /أ - ب، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٥٩ /ب.
(٣) سيأتي أيضا في سورة الأنعام، الفقرة «٦٥».
(٤) قوله: «والنعم كثيرة» سقط من: ص.