للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في ذلك الكتاب، «كتاب التبصرة» أذكر فيه حجج القراءات [ووجوهها وأسميه (١) «كتاب الكشف عن وجوه القراءات»] (٢) ثم تطاولت الأيام، وترادفت الأشغال عن تأليفه وتبيينه ونظمه إلى سنة أربع وعشرين وأربعمائة (٣)، فرأيت أن العمر قد تناهى، والزوال من الدنيا قد تدانى، فقويت النيّة في تأليفه وإتمامه خوف فجأة الموت، وحدوث الفوت، وطمعا أن ينتفع به أهل الفهم من أهل القرآن وأهل العلم من طلبة (٤) القراءات، فبادرت إلى تأليفه ونظمه ليكون باقيا على مرور الزمان، وانقراض الأيام، حرصا مني على بقاء أجره، وجزيل ثوابه أسأل (٥) الله أن ينفع به مؤلّفه والمقتبس العلم منه، فواجب على كل ذي مروءة وديانة أفاد من كتابنا هذا فائدة أو اقتبس منه علما، أو تبيّن له به معنى مشكل، أو علم منه علما لم يكن يعلمه، أن يترحّم على مؤلّفه، ومن أتعب سرّه وبدنه في نظمه، واستخراج علله، واستنباط فوائده، وأن يستغفر لمظهر فوائده، ومشهر نوادره وعلومه، فما علمت أنّ لشغلي وتعبي بتأليف هذا الكتاب وأشباهه فائدة أعظم من أن يترحّم عليّ من أجله مترحّم، أو يستغفر لي عند قراءته مستغفر، أو يذكرني بخير ذاكر. فرحم الله من بادر إلى ما رغّبته فيه من ذكري بالخير، والترحّم عليّ، والاستغفار لي.

وهأنذا حين أبدأ بذلك أذكر (٦) علل ما في أبواب الأصول، دون أن أعيد


(١) ص: «أسميه» بلا واو.
(٢) قبل لفظ «القراءات» إحالة على الحاشية لكن ما أحيل عليه ذهب أكثره فتبينته من: ص.
(٣) أي بدأ بتأليفه قبل وفاته بثلاثة عشر عاما، رحمه الله تعالى، ذكر ذلك ابن الأنباري في نزهة الألباء ٣٤٧، وياقوت في معجم الأدباء ٩/ ١٦٨، وكان مكي نفسه يذكر زمن تأليفه لكتبه ومكانه، انظر كتابه الهداية في التفسير ٤ /ب، وطبقات القراء ٢/ ٣١٠.
(٤) ص: «أهل».
(٥) ص: «وأسأل».
(٦) ص: «وأذكر».