للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من قرأ ﴿ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللهُ﴾ «١١١» و «ما» في الآية استفهام، وفي «يشعركم» ضمير «ما»، والمعنى: وأي شيء يدريكم أيها المؤمنون إيمانهم إذا جاءتهم الآية، أي: لا يؤمنون إذا جاءتهم الآية. ولا يحسن أن تكون «ما» نافية، لأنه يصير التقدير: وليس يدريكم الله أنهم لا يؤمنون. وهذا متناقض، لأنه تعالى قد أدرانا أنهم لا يؤمنون بقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ﴾ إلى قوله:

(يجهلون).

«٥٥» وحجة من كسر «أن» أنه استأنف بها الكلام بعد «يشعركم»، والتقدير: وما يشعركم إيمانهم، فالمفعول محذوف، ثم استأنف مخبرا عنهم بما علم فيهم، فقال: (إنها إذا جاءت لا يؤمنون)، ولا يحسن فتح «إن» على إعمال «يشعركم» فيها. و «لا» غير زائدة، لأن ذلك يكون عذرا لهم، ويصير المعنى: وما يدريكم أيها المؤمنون أن الآية ﴿إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ أي: لعلهم يؤمنون إذا جاءتهم، فيكون تأخير «الآية» عنهم عذرا لهم، في ترك الإيمان، وهذا لا يجوز لأن الله قد أعلمنا أنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية، وأن ذلك بمشيئته وإرادته، فإن جعلت «لا» زائدة حسن عمل «يشعركم» في «أن»، لأن التقدير: وما يشعركم أنها إذا جاءت يؤمنون، أي: لا يؤمنون إذا جاءتهم الآية التي اقترحوا بها، وهذا كله إنما يصح على قراءة من قرأ «يؤمنون» بالياء، فأما من قرأ «تؤمنون» بالتاء فالخطاب في «يشعركم» للكفار المقترحين الآية. وقد تقدّم ذكر الاختلاس والإسكان في «يشعركم» والحجة في ذلك، والاختيار الفتح لأن عليه الجماعة (٢).


(١) ب: «يكون» ورجحت ما في: ص.
(٢) كتاب سيبويه ١/ ٥٤١، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٣٥ /ب، وزاد المسير ٣/ ١٠٤، وتفسير ابن كثير ٢/ ١٦٥، وتفسير النسفي ٢/ ٢٨، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٧٢ /أ.