للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الله، ويجوز أن يكون معنى «قبلا» مواجهة، أي: يعاينونه ويواجهونه (١)، حكى أبو زيد: لقيت فلانا قبلا ومقابلة، وقبلا وقبلا، كلّه بمعنى المواجهة، فيكون الضم كالكسر في المعنى، وتستوي القراءتان، ويدل على أن القراءة بالضم بمعنى المقابلة قوله: ﴿إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ﴾ «يوسف ٢٦» فهذا من المقابلة لا غير، ألا ترى أن بعده «من دبر» فالدبر ضد القبل.

«٥٨» وحجة من قرأ بالكسر أنه جعله بمعنى المواجهة والمعاينة، أي:

وحشرنا عليهم كل شيء يواجهونه ويعاينونه ما آمنوا إلا أن يشاء الله، وعلى هذه العلل والحجج يجري مجرى حجج الحرف الذي في الكهف غير أن معنى الكفيل لا يحسن في الكهف وكذلك قوله تعالى: ﴿أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً﴾ «الإسراء ٩٢» معناه: معاينة ومواجهة، ولا يحسن فيه معنى الكفيل، لأنه كان يلزم أن يجمع على «فعلا» لأنه في الأصل صفة (٢).

«٥٩» قوله: (وتمّت كلمة ربّك) قرأه الكوفيون بالتوحيد، وجمع الباقون، وقرأ نافع وابن عامر «كلمات» بالجمع في موضعين في يونس الأول (٣) «٣٣» والآخر (٤) في موضع في غافر «٦» وقرأهن الباقون بالتوحيد.

وحجة من جمع أن معنى «الكلمات» في هذا هو ما جاء من عند الله من وعد ووعيد وثواب وعقاب، وأخبار عما كان، وعما يكون، وذلك كثير، فجمع «الكلمات» لكثرة ذلك، وقد أجمعوا على الجمع في قوله: ﴿لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ﴾ «يونس ٦٤»، ﴿وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ﴾ «الأنعام ٣٤» ولا يحسن أن يراد بالكلمات، في هذه المواضع، الشرائع كما قال: ﴿وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ﴾


(١) ب: «يعاينوه ويواجهونه»، ص: «يعاينوه ويواجهوه» ورجحت ما أثبته.
(٢) الحجة في القراءات السبع ١٢٣، وزاد المسير ٣/ ١٠٧، وتفسير غريب القرآن ١٥٨، وتفسير النسفي ٢/ ٢٩، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٣٦ /أ.
(٣) سيأتي في هذه السورة الفقرة «١٣».
(٤) ب: «الأخيرة» ورجحت ما في: ص.