للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذكره أحيا الريح لتأتي بين يدي رحمته، فهي (١) ريح منشورة أي: محياه، حكى أبو زيد: قد أنشر الله الريح انتشارا إذا بعثها، ويجوز أن يكون «نشرا» جمع ناشر كشاهد وشهد، وقاتل وقتل، على ما تقدّم أن الريح ناشرة للأرض أي:

محيية لها بما تسوق من المطر.

«١٧» وحجة من أسكن الشين وضمّ النون كالحجة فيما قبله، إلا أنه أسكن الشين استخفافا كرسول ورسل وكتاب وكتب، والضم هو الأصل في ذلك كله.

«١٨» وحجة من فتح النون وأسكن الشين أنه جعله مصدرا، وأعمل فيه معنى ما قبله، كأنه قال: وهو الذي نشر الرياح نشرا كقوله: ﴿كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ﴾ «النساء ٢٤» وكقوله: ﴿صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ﴾ «النمل ٨٨» لأن قوله:

﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ﴾ يدلّ على نشرها، ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال من الرياح، كأنه قال: يرسل الرياح محيية للأرض، كما تقول: أتانا ركضا، أي راكضا، وقد قيل: إن تفسير «نشرا» بالفتح من النشر الذي هو خلاف الطّي، كأنّ الريح في سكونها كالمطوية، ثم ترسل من طيّها ذلك، فتصير كالمتفتحة. وقد فسّره أبو عبيد بمعنى متفرقة في وجوهها، على معنى: تنشرها ههنا وههنا، ويجوز أن يكون المصدر يراد به المفعول، كقولهم: هذا درهم ضرب الأمير، أي: مضروبه. وكقوله: ﴿هذا خَلْقُ﴾ ﴿اللهِ﴾ «لقمان ١١» أي: مخلوقة، فيكون المعنى: يرسل الرياح منشرة، أي محياة، ويكون «نشرا» بمعنى إنشارا، قد حذفت منه الزوائد.

«١٩» وحجة من قرأ بالباء مضمومة أنه جعله جمع بشير، إذ الرياح تبشر بالمطر، وشاهده قوله: ﴿يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ﴾ «الروم ٤٦» وأصل الشين الضم، لكن أسكنت تخفيفا كرسول ورسل (٢).


(١) ب: «فمعنى» وتصويبه من: ص، ر.
(٢) الحجة في القراءات السبع ١٣١ - ١٣٢، وزاد المسير ٣/ ٢١٧، وتفسير ابن كثير ٢/ ٢٢٢، وتفسير النسفي ٢/ ٥٧، وتفسير غريب القرآن ١٦٩، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٣٩ /ب - ٤٠ /أ، وتفسير مشكل إعراب القرآن ب ٨٢ /أ.