للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٢٤» قوله: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا﴾ قرأ نافع وابن عامر «الذين» بغير واو، وكذلك هي في مصاحف أهل المدينة وأهل الشام، جعلوه مستأنفا، وأضمروا الخبر، أو جعلوه (١) خبرا، وأضمروا المبتدأ، ولا يحسن أن يكون «الذين» في هذه القراءة يدلا من «وآخرين» لأن «آخرين» ترجى لهم التوبة. و «الذين اتخذوا» لا ترجى لهم توبة لقوله: ﴿لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ﴾ إلى قوله (إلى ﴿أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾ «١١٠». فالقراءتان مختلفتان في المعنى. وقرأ الباقون بالواو لأنها كذلك في مصاحفهم، فهو معطوف على قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ﴾ «٧٥» أي: «منهم من عاهد الله، ومنهم من يلمزك، ومنهم الذين يؤذون النبي، ومنهم آخرون مرجون، ومنهم الذين اتخذوا مسجدا» (٢).

«٢٥» قوله: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ﴾، ﴿خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ﴾ قرأهما نافع وابن عامر بضم الهمزة، وكسر السين الأولى، ورفع «البنيان» على على ما لم يسمّ فاعله، فأضاف الفعل إلى «البنيان»، فارتفع به. وقد أجمعوا على الضم في قوله: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى﴾ «١٠٨» فأضاف الفعل إلى المسجد، ففي «أسس» ضمير والمسجد هو البنيان بعينه، فلذلك حسن رفع البنيان. وقرأ الباقون بفتح الهمزة والسين ونصب البنيان، أضافوا الفعل إلى «من» في قوله: ﴿أَفَمَنْ﴾، و ﴿خَيْرٌ أَمْ مَنْ﴾ ففي الفعلين ضمير «من»، وهو صاحب البنيان. ويقوّي ذلك أنه قد أضيف «البنيان» إلى ضمير، وهو الهاء في «بنيانه»، وهو صاحب «البنيان»، فكما أضيف «البنيان» إلى «من» كذلك يجب أن يضاف الفعل إليه. و «البنيان» مصدر كالغفران، وهو بمعنى المبني، كالخلق الذي هو بمعنى المخلوق. ويجوز أن يكون «البنيان» جمع


(١) ب: «وجعلوه» وتصويبه من: ص، ر.
(٢) التبصرة ٧٥ /أ، والنشر ٢/ ٢٧١، والحجة في القراءات السبع ١٥٤، وزاد المسير ٣/ ٤٩٨، والمصاحف ٤٣، وهجاء مصاحف الأمصار ١٧ /ب، وتفسير مشكل إعراب القرآن ٩٩ /أ.