للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من رؤية غيرهم لما يحلّ بهم (١).

«٣٠» قوله: (كاد يزيغ) قرأه حفص وحمزة بالياء، على تذكير الجمع، كما قال: ﴿وَقالَ نِسْوَةٌ﴾ «يوسف ٣٠» وفي «كاد» إضمار الحديث، فارتفعت «القلوب» ب «يزيغ» (٢)، ولأجل هذا الإضمار جاز أن يلي «يزيغ» كاد، كأن ذلك المضمر حال بينهما، وصارت «يزيغ قلوب» خبر «كاد»، ويجوز أن ترتفع «القلوب» ب «كاد»، ويقدّر في «يزيغ» التأخير، والتقدير: من بعد ما كادت قلوب فريق منهم تزيغ، وهذا التقدير في قراءة من قرأ بالتاء يحسن، وهم الباقون من القراء غير حمزة وحفص، لتأخير الفعل به بعد المؤنث، وجاز تقديم «تزيغ» إلى «كاد» كما جاز تقديم خبر كان في قولك: كان قائما زيد، لكن التقديم مع الفعل فيه قبح، لو قلت: كان يقوم زيد.

على أن تجعل «يقوم» خبر كان، و «زيد» اسمها قبح، لأن الفعل يقوى فيعمل في الاسم بعده، فإنما يحسن هذا على أن تضمر (٣) في «كان» الحديث أو الخبر، وتكون الجملة من الفعل والفاعل خبر كان، وقد اختلف في نحو هذا في قوله تعالى ﴿وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا﴾ «الجن ٤» فقيل: إن في كان اسمها، أي: كان الحديث أو الأمر أو الخبر يقول سفيهنا. فالجملة من الفعل والفاعل على الخبر. وقيل: بل «سفيهنا» اسم كان، و «يقول» خبر مقدّم على الاسم، وفيه بعد.

وحجة من قرأ بالتاء أنه أنّث لتأنيث الجماعة كما قال: ﴿قالَتِ الْأَعْرابُ﴾ «الحجرات ١٤». والكلام على «كاد وتزيغ» مثلما تقدّم، وهو الاختيار،


(١) زاد المسير ٣/ ٥١٩، وتفسير ابن كثير ٢/ ٤٠٣، وتفسير النسفي ٢/ ١٥١، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٤٧ /أ.
(٢) ب: «وتزيغ»، ص: «لزيغ» وتصويبه من: ر.
(٣) ب، ص: «تضم» وتصويبه من: ر.