للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الكيل)، فأخبروا عن أنفسهم أنهم منعوا الكيل لغيبة أخيهم، فكذلك يجب أن (١) يخبروا عن أنفسهم بإباحة الكيل لهم إذا حضر معهم أخوهم، وهو الاختيار، لصحة معناه، ولأن الأكثر عليه (٢).

«٢٣» قوله: ﴿خَيْرٌ حافِظاً﴾ قرأ حفص وحمزة والكسائي «حافظا» مثل «فاعل» وقرأ الباقون «حفظا» على وزن «فعل».

وحجة من قرأ على وزن «فعل» أن أخوة يوسف لما نسبوا الحفظ إلى أنفسهم، في قوله: ﴿وَنَحْفَظُ أَخانا﴾ قال لهم أبوهم: (فالله خير حفظا)، أي:

خير من حفظكم الذي نسبتموه إلى أنفسكم، وقيل: تقديره: فالله خير منكم حفظا. فأتى بالمصدر (٣) الدّالّ على الفعل، ونصبه على التفسير.

«٢٤» وحجة من قرأه على «فاعل» أنه أتى به على المبالغة على تقدير: فالله خير الحافظين، فاكتفى بالواحد عن الجمع، فنصبه على التفسير، ويقوّي ذلك أنها في مصحف ابن مسعود «خير الحافظين» وأيضا فإنهم لمّا قالوا: «وإنا له لحافظون» قيل لهم: «الله خير حافظا»، وأيضا فإن «خير حافظا» مطابق لقوله: «أرحم الراحمين» في الإضافة، لأنك تقول: الله خير حافظا والله أرحم راحم. ولو قلت: الله خير حفظ، لم يحسن، فمطابقة «خير حافظا» مع «أرحم الراحمين» أبين من مطابقة «خير حفظا» مع «أرحم الراحمين» لأن الله جلّ ذكره هو الحافظ وليس هو الحفظ، إنما الحفظ فعل من أفعاله [وكذلك هو الراحم وليس هو الرحمة إنما الرحمة فعل من أفعاله] (٤)، وصفة من صفاته، وهذه القراءة أحبّ إليّ، لصحة معناها، أعني حافظا، لولا أن الأكثر على الأخرى (٥)، وقد تقدم ذكر «درجات» في الأنعام والحجة فيها.


(١) قوله: «منعوا الكيل .. أن» سقط من: ص.
(٢) زاد المسير ٤/ ٢٥١، وتفسير ابن كثير ٢/ ٤٨٣.
(٣) ب: «المصدر» وتصويبه من: ص، ر.
(٤) تكملة مناسبة من: ر.
(٥) التبصرة ٧٩ /أ، والحجة في القراءات السبع ١٧٣، وتفسير ابن كثير ٢/ ٢٨٤.