للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فحمل «صد» على ذلك أيضا.

«١٢» وحجة من فتح الصاد أنه بناه على الإخبار عن الصادّين الناس عن سبيل الله، دليله قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ «الحج ٢٥» وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ﴾ «النساء ١٦٧»، وقال: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ﴾ «الفتح ٢٥» فأسند الفعل في جميع ذلك إلى الصّادين (١).

«١٣» قوله: ﴿وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ﴾ قرأه ابن كثير وأبو عمرو وعاصم بالتخفيف، جعلوه مستقبل «أثبت» والمفعول محذوف «هاء» من الصلة، أي:

ويثبته. وقوله: ﴿بِالْقَوْلِ الثّابِتِ﴾ «إبراهيم ٢٧» يدلّ على التخفيف، لأنه اسم فاعل من «ثبت»، والتقدير: يمحو الله ما يشاؤه ويثبت ما يشاؤه. وقرأ الباقون بالتشديد، جعلوه مستقبل «ثبّت» دليله قوله: ﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً﴾ «النساء ٦٦» ف «تثبيت» مصدر «ثبّت» مشدّدا، فالقراءتان لغتان، كما أن «ثبت وأثبت» لغتان بمعنى، لكن في التشديد معنى التأكيد والتكرير، وهو الاختيار، لأن أكثر القراء عليه. واختار أبو عبيد «ويثبّت» بالتشديد، على معنى: يقرّ ما كتبه، فلا يمحوه. وتعقّب عليه ابن قتيبة، فاختار التخفيف، لأن المعروف مع المحو الإثبات، فالمعنى: يمحو الله ما يشاء ويكتب ما يشاء.

أو على معنى: يمحو الله ما يشاء ويقرّ ما يشاء، فلا يمحوه. والتخفيف يحتمل المعنيين اللذين ذكر أهل التأويل في الآية (٢).

«١٤» قوله: ﴿وَسَيَعْلَمُ الْكُفّارُ﴾ قرأه الكوفيون وابن عامر «الكفار» بالجمع، لأن التهدّد في الآية لم يقع لكافر واحد بل لجميع الكفار، فأتوا به على المعنى، فوافق اللفظ المعنى، وفي حرف ابن مسعود: «وسيعلم الكافرون» وفي حرف أبيّ: «وسيعلم الذين كفروا»، فهذا كله شاهد قويّ لمن قرأه بالجمع.


(١) زاد المسير ٤/ ٣٣٣، وتفسير ابن كثير ٢/ ٥١٦، وتفسير النسفي ٢/ ٢٥١ والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٥٤ /ب - ٥٥ /أ.
(٢) زاد المسير ٤/ ٣٣٧، وتفسير النسفي ٢/ ٢٥٢، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٥٥ /أ.