للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحجة من أضاف إلى مذكّر أنه لمّا تقدّمت أمور قبل هذا منها حسن ومنها سيء، فالحسن قوله: ﴿وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً﴾ «٢٣» والسيء هو المنهيّ عنه في الآية، أضاف «سيّئا» إلى «السيء» خاصة ممّا تقدم ذكره، ويقوّي ذلك قوله: ﴿مَكْرُوهاً﴾ فذكّر لتذكير السّيء، ولو حمل على لفظ «سيئه» في قراءة من لم يضف لقال «مكروه» ولا يحسن حذف علامة التأنيث إذا تأخرت الصّفة أو الفعل، ف «سيئه» اسم كان و «مكروها» خبرها.

«١٣» وحجة من لم يضف أنّه لمّا تمّ الكلام على «تأويلا» وابتدأ بقوله: ﴿وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ﴾ «٣٦» وذكر ما بعده، كان كله سيّئا ليس فيه ما يحسن فعله، قال بعده: ﴿كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ﴾ إذ فعل جميعه سيء. فمن قرأ بالإضافة ردّه على البعض مما تقدّم ذكره. ومن قرأ بغير إضافة ردّه على أقرب الكلام منه خاصة، وهو قوله (١) «سيء» ولو ردّه على الأقرب منه، وأضاف لأوجب أنّ فيه حسنا وفيه سيئا، وليس هو كذلك (٢).

«١٤» قوله: ﴿لِيَذَّكَّرُوا﴾ (٣) خفّفه حمزة والكسائي، جعلاه من الذكر، وشدّد الباقون، جعلوه من التّذكر هو التدبّر، كأنه بمعنى تذكّر بعد تذكّر، وهو أولى لأن التذكّر فيما أنزل الله من كتابه، والتذكّر أولى بنا من الذكر له بعد النسيان. وقوله: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ «القصص ٥١» يدّل على التشديد في «ليذّكّروا». وقد قال تعالى ذكره: ﴿كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ «ص ٢٩» فالتشديد ل «التدبّر» والتخفيف ل «الذكر» بعد النسيان (٤).


(١) ص: «كلمة»، ر: «كله».
(٢) الحجة في القراءات السبع ١٩٢، وزاد المسير ٥/ ٣٦، وتفسير ابن كثير ٣/ ٤٠، وتفسير النسفي ٢/ ٣١٤.
(٣) وهو أيضا في سورة الفرقان، وسيأتي فيها، الفقرة «٦».
(٤) زاد المسير ٥/ ٣٨، وتفسير النسفي ٢/ ٣١٥.