للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحجة من شدّد أنه حمله على المعنى، وذلك أنهم سألوه كثرة الانفجار من الينبوع، كأنه يتفجر مرة بعد مرة، فشدّد ليدل التشديد على تكرير الفعل، وقد أجمعوا على التشديد في قوله: ﴿فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ﴾ «الإسراء ٩١».

«٢٤» وحجة من خفّف أنه حمله على اللفظ. وذلك أنه لمّا كان الينبوع الذي سألوه واحدا خالف قوله: «فتفجر الأنهار» لكون الأنهار كثيرة، فوجب تخفيف الأول لما أتى بعد، من التوحيد، وتشديد الثاني لما أتى بعده من الكثرة، تقول: فجرت النهر وفجّرت الأنهار. وقد أجمعوا على التخفيف في قوله:

﴿فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً﴾ «البقرة ٦٠» و «انفجر» مطاوع «فجرته» (١).

«٢٥» قوله: ﴿عَلَيْنا كِسَفاً﴾ قرأ نافع وعاصم وابن عامر بفتح السين، وأسكن الباقون، وتفرّد حفص بفتح السين في الشعراء وسبأ، وتفرّد ابن عامر بإسكان السين في سورة الروم (٢).

وحجة من فتح أنه جعله جمع «كسفة» (٣)، والكسفة القطعة، «والكسف» بالفتح المصدر، و «الكسف» الاسم كالطّحن والطّحن، فالمعنى: أو تسقط السّماء علينا قطعا، أي قطعة بعد قطعة.

«٢٦» وحجة من أسكن أنه جعله اسما مفردا كالطحن اسم الدقيق، فيكون المعنى: أو تسقط السماء علينا قطعة واحدة تظلّلنا. ويجوز أن يكون «الكسف» بالإسكان جمع كسفة، كتمرة وتمر، فيكون في المعنى كقراءة من فتح بمعنى: قطعا، ونصب «كسفا» على الحال من السماء، إذ


(١) الحجة في القراءات السبع ١٩٥، وزاد المسير ٥/ ٨٦، وتفسير النسفي ٢/ ٣٢٧، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٦٠ /ب.
(٢) قوله: «وتفرد حفص .. الروم» سقط من: ص، وفي ر: «الروم وكلهم فتح السين في الروم إلا أن ابن عامر فإنه أسكنها ولم يختلف في غير هذه الأربعة بسكون السين»، وأحرف السور المذكورة هي على الترتيب: (آ ١٨٧، ٤٨، ٩) وسيأتي الثاني والثالث كلا في سورته، الفقرة «٥، ٩».
(٣) ب: «كشف» وتصويبه من ص، ر.