للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«١٨» وحجة من وحّد أنه ردّه على ذكر الجنة فهي أقرب إلى «منهما» من ذكر الجنتين، وذلك قوله: ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ﴾ «٣٥» وقوله: ﴿ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً﴾، فكان ردّه على الأقرب منه أولى من ردّه على الأبعد منه، وأيضا فإن الجنة تحتوي على جنتين وأكثر. وكذلك هي في مصاحف أهل البصرة والكوفة.

والاختيار التثنية، لأن هلاك الجنتين بظلمه لنفسه (١) أبلغ من هلاك جنة واحدة في ظاهر النص (٢).

«١٩» قوله: ﴿لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي﴾ قرأه ابن عامر بألف في الوصل، أجرى الوصل مجرى الوقف، وكأنه جعل «أنا» بكماله الاسم، وهو مذهب الكوفيين من أهل النحو، وحذفها الباقون في الوصل، وكلّهم وقف بألف. وقد مضت علة ذلك في سورة البقرة (٣)، ونزيد ذلك بيانا في هذا الموضع.

فحجة من حذف الألف في الوصل بأنها عنده كهاء السكت أتى بها لبيان حركة النون في الوقف، والاسم من «أنا» عند البصريين «أن» والألف زيدت في الوقف كهاء السكت لبيان الحركة، فكما أنه قبيح إثبات هاء السكت في الوصل كذلك [قبيح] (٤) إثبات الألف من «أنا» في الوصل، إلا أن إثبات الألف في الوقف من «أنا» آكد من إثبات الهاء لقلة حروف الكلمة، فصار إثبات الألف في «أنا» في الوقف أمرا لازما، فإن لم تثبت الألف جيء بالهاء، فقلت: «أنه» وذلك في الكلام، ولا يجوز في القرآن لمخالفة الخط، والأصل فيه «لكن أنا هو الله ربّي» «فألقيت حركة الهمزة من «أنا» على النون الساكنة من «لكن» فتحرّكت، وبعدها نون متحركة، فاجتمع مثلان متحركان، فأدغم الأول في الثاني، فصارت نونا مشدّدة، وحذفت الألف في الوصل، على ما ذكرنا،


(١) ب: «بنفسه» وتوجيهه من: ص، ر.
(٢) زاد المسير ٥/ ١٤٢.
(٣) راجع سورة البقرة، الفقرة «١٦٦ - ١٦٨».
(٤) تكملة لازمة من: ص، ر.