للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٤٩» وحجة من أدغم تقارب مخارج هذه الحروف، وأن لام المعرفة تدغم في الذال والتاء، فلمّا اشتركا في إدغام لام المعرفة فيهما، وتقاربت مخارجهما، وكانا من كلمة مع خفّة الإدغام، حسن الإدغام، وفيه ضعف لنقل الأول إلى أضعف من حالته مع الإظهار، لأنه مجهور. فإذا أدغمت صار مهموسا، لكن أكثر القراء عليه لخفته، ولأنهما من كلمة، ألا ترى أن نافعا وأبا بكر وابن ذكوان أظهروا الذال عند التاء، في كلمتين، لانفصال أحد الحرفين من الآخر، وأدغموها في التاء في كلمة نحو «اتخذتم» لاتصال الحرفين.

«٥٠» وحجة من أظهر الذال أنه حرف مجهور، قويّ بالجهر، والتاء حرف مهموس ضعيف بالهمس، فلو أدغم الذال لأبدل منها حرفا (١) أضعف منها في الصفة، وإنما يحسن الإدغام، إذا نقل الحرف الأول إلى أقوى حالة من حالته في الإظهار، أو إلى مثل حالته مع تقارب المخارج، وقد تقدّم الكلام على هذا بأشبع من هذا في أبواب الإدغام، وما عليه الجماعة أحبّ إليّ (٢). وقد مضى ابن كثير وحفص على أصلهما فأظهرا (٣) «فنبذتها وعذت» كما أظهرا «اتخذت»، ومضى أبو عمرو وحمزة والكسائي فيها كلها على الإدغام. ومضى نافع وأبو بكر وابن عامر على الإدغام في «اتخذت»، والإظهار في «فنبذتها» و «عذت» ولا فرق بينهما غير الجمع بين اللغتين. فمن أظهر فعلى الأصل، ولئلا ينقل الذال إلى ضعف، ومن أدغم فلاتصالهما في كلمة، ولاشتراكهما في إدغام لام التعريف فيهما. وقد مضى الكلام على هذا بعلله (٤).


(١) ب، ص: «حرف» وتصويبه من: ر.
(٢) الحجة في القراءات السبع ٢٠٣، وزاد المسير ٥/ ١٧٧، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٦٣ /أ، وكتاب سيبويه ٢/ ٢٨٧، ٥١٨، وتفسير مشكل إعراب القرآن ١٤٧ /ب.
(٣) ب: «فأظهروا» وتصويبه من: ص، ر.
(٤) راجع «فصل في إدغام ما هو من كلمة» الفقرة «١ - ٦».