للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إن معناه: فناداه جبريل من تحتها، أي: من أسفل من مكانها، أي: من دونها، كما تقول: داري تحت دارك، وبلدي تحت بلدك، أي: دونها. وعلى هذا معنى قوله: ﴿قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا﴾ أي: دونك نهرا، تستمتعين به (١).

فليس المعنى إذا جعلنا الفاعل جبريل أنه تحت ثيابها، فيكون في «ناداها» ضمير جبريل ، وكون الضمير ل «عيسى» أبين لها، وأعظم في زوال وحشتها، لتسكين نفسها، فالمعنى: فكلّمها جبريل من الجهة المحاذية لها، أو فكلّمها عيسى من موضع ولادته، وذلك تحت ثيابها.

«١١» وحجة من فتح الميم أنه جعل «من» الفاعل للنداء، ونصب «تحتها» على الظرف، و «من» هو عيسى، كلّمها من تحتها، أي من موضع ولادته. وكون الضمير ل «عيسى» في القراءة بفتح الميم أقوى في المعنى، وكون الضمير لجبريل ، في القراءة بكسر الميم، أقوى في المعنى.

ويجوز في القراءتين أن يكون ل «عيسى» وأن يكون لجبريل ، فإذا كان لجبريل كان معنى «تحتها» دونها، أسفل منها، وإذا كان لعيسى كان معنى «تحتها» تحت ثيابها، من موضع ولادته، وأصل «من» أن تقع للعموم، ولكنها وقعت في هذا الموضع للخصوص، لعيسى أو لجبريل ، وذلك جائز (٢).

«١٢» قوله: ﴿تُساقِطْ عَلَيْكِ﴾ قرأه حفص بضم التاء وكسر القاف مخفّفة، وفتحهما (٣) الباقون، وكلّهم شدّد السّين إلا حمزة وحفصا.

وحجة من ضم التاء أنه جعله مستقبل «ساقطت» فعدّاه إلى الرطب فنصبه به، والفاعل النخلة تضمر في «تساقط»، أي: تساقط النخلة رطبا جنيا عليك.


(١) تفسير غريب القرآن ٢٧٤، وفضائل القرآن لأبي عبيد ٩٨ /أ، وإيضاح الوقف والابتداء ٧٤، ٩٠.
(٢) الحجة في القراءات السبع ٢١٢، وزاد المسير ٥/ ٢٢١، وتفسير ابن كثير ٣/ ١١٧، والنشر ٢/ ٣٠٥، وتفسير النسفي ٢/ ٣٢، وتفسير مشكل إعراب القرآن ١٤٩ /أ.
(٣) ب: «فتحها» وتصويبه من: ص.