للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«١٠» قوله: ﴿نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ﴾ قرأ أبو بكر وابن عامر بنون واحدة، وتشديد الجيم. وقرأ الباقون بنونين والتخفيف.

وحجة من قرأ بنون واحدة أنه بنى الفعل للمفعول، فأضمر المصدر، ليقوم مقام الفاعل. وفيه بعد من وجهين: أحدهما أن الأصل أن يقوم المفعول مقام الفاعل دون المصدر، فكان يجب رفع «المؤمنين» وذلك مخالف للخط. والوجه الثاني أنه كان يجب [أن] (١) تفتح الياء من «نجي» لأنه فعل ماض، كما تقول: «رمي وكلم» فأسكن الياء. وحقّها الفتح، فهذا الوجه بعيد في الجواز. وقيل: إن هذه القراءة على طريق إخفاء النون الثانية في الجيم. وهذا أيضا بعيد، لأن الرواية بتشديد الجيم والإخفاء لا يكون معه تشديد. وقيل: أدغم النون في الجيم. وهذا أيضا لا نظير له، لا تدغم النون في الجيم في شيء من كلام العرب لبعد ما بينهما. وإنما تعلّق من قرأ هذه القراءة أن هذه اللفظة في أكثر المصاحف بنون واحدة، فهذه القراءة إذا قرئت بتشديد الجيم، وضمّ النون، وإسكان الياء غير متمكنة في العربية.

«١١» وحجة من قرأ بنونين أنه الأصل، وسكنت الياء. لأنه فعل مستقبل، وحق الياء الضمّ، فسكنت لاستثقال الضم على الأصول، وانتصب «المؤمنين» بوقوع الفعل عليهم. والفعل مضاف مخبر به (٢) عن الله جلّ ذكره، فهو (٣) المنجي من كلّ ضرّ، لا إله إلا هو، فأما وقوعها في المصاحف بنون واحدة فإنما ذلك لاجتماع المثلين في الخط، ولأن النون الثانية تخفى عند الجيم بلا اختلاف، وهو من «أنجى ينجي»، كما قال: ﴿فَلَمّا أَنْجاهُمْ﴾ «يونس ٢٣». وكان أبو عبيد يختار القراءة بنون واحدة اتّباعا للمصحف، على إضمار المصدر، يقيمه مقام الفاعل، وينصب «المؤمنين» ويسكن الياء في موضع الفتح وهذا (٤) كلّه قبيح بعيد. واختار أبو عبيد أن يكون


(١) تكملة لازمة من: ر.
(٢) ب: «عنه» وتصويبه من: ر.
(٣) ب: «وهو» وبالفاء وجهه كما في: ص، ر.
(٤) ب، ص: «وهو» ورجحت ما في: ر.
الكشف: ٨، ج ٢.