للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في نفسي لما ذكرت لك (١).

«٤» فإن سأل سائل فقال: ما العلة التي أوجبت ذكرك لكسر الكاف من «ملك» دون ياء، وبضم الدال من «نعبد» دون واو ولم خصصت هذين الأصلين بالذكر؟

فالجواب أنه إنما ذكرت ذلك لأن بعض أهل مصر والمغرب روى عن ورش أنه يشبع الكسرة إذا أتت بعدها ياء، حتى يتولّد من الكسرة ياء، فيقول: «ملكي يوم الدين» وكذلك ما أشبهه. وروى أنه يشبع الضمة إذا أتت بعدها واو، حتى يتولّد من الضمة واو، فيقول: «نعبدو وإياك»، وكذلك ما شابهه (٢) في القرآن (٣)، فأردت بذكري لذلك إنكار هذه الرواية، ومنعها لشذوذها، وقلة رواتها، وترك الناس لاستعمالها في صلاتهم ومساجدهم ومكاتبهم (٤).

«٥» فإن قيل: فما العلة في منعها، وقد رويت.

فالجواب أن الإجماع من القراء والرواة عن ورش على خلافها لشذوذها، ولأنها إنما هي لغة تجوز في الشعر للضرورة، وحمل كتاب الله على ذلك لا يحسن ولا يجوز، مع ما في ذلك من الإشكال، إذا قرئ به، لأنه إذا قرئ: «ملكي يوم» أمكن أن يكون جمع «ملك» المسلّم، وحذفت النون للإضافة وإذا قرئ: «نعبدو» أمكن أن تزاد واو ضمير الجمع، فيجمع بين النون التي تدل على الجمع وبين (٥) الواو، مع أن الواو لو كانت ضميرا للجمع للزمتها النون،


(١) التبصرة ١٢ /ب، وتفسير ابن كثير ١/ ٢٤، وانظر المصاحف ٩٢، والبحر المحيط ١/ ٢٠
(٢) ص: «أشبهه».
(٣) هي قراءة أحمد بن صالح عن ورش عن نافع انظر البحر المحيط ١/ ٢٠، وأيضا تفسير ابن كثير ١/ ٢٤.
(٤) قوله: «ومنعها … ومكاتبهم» سقط من: ص.
(٥) قال الحريري: ويقولون: المال بين زيد وبين عمرو، بتكرير لفظة بين، فيوهمون فيه. والصواب أن يقال: بين زيد وعمرو كما قال سبحانه:
من بين فرث ودم. والعلة فيه أن لفظة بين تقتضي الاشتراك، فلا تدخل إلا على مثنى أو مجموع كقولك: المال بينهما والدار بين الإخوة.
انظر درة الغواص ٣٦ الكشف: ٣