للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الذي هو مطاوع «سمّع» ثم أدغم التاء في السين لقرب المخرجين، وحسن الإدغام، لأنه ينقل حرفا ضعيفا، وهو التاء إلى ما هو أقوى منه، وهو السين، لأنها من حروف الصغير، وحسن حمله على «تسمّع»، لأن «التسمع» قد يكون، ولا يكون معه إدراك سمع، وإذا نفي التسمع عنهم فقد نفي سمعهم من جهة التسمع ومن غيره، فذلك أبلغ في نفي السمع عنهم، ويقال: سمعت الكلام وأسمعته، كما تقول: شويته وأشويته (١) بمعنى. وقد قرأ ابن عباس «يسمّعون» بضم الياء والتشديد، وقال: يستمعون ولكن لا يسمعون (٢).

وقد قال تعالى: ﴿وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾ «الأعراف ٢٠٤»، وقال:

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ﴾ «يونس ٤٢». فهو فعل يتعدّى باللام (٣) وبإلى، فإتيان «إلى» بعده يدل على أنّه «يتسمعون» لأن «يسمع» لا يتعدّى ب «إلى» إلاّ على حيلة وإضمار.

«٥» وحجة من خفّفه أنه حمله على أنّه نفى عنهم السمع بدلالة قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ «الشعراء ٢١٢»، ولم يقل عن التسمع، فهم يتسمعون ولكن لا يسمعون شيئا، ودليله قوله تعالى عن قول الجن: ﴿فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً﴾ «الجن ٩»، فدلّ ذلك على أنهم يتسمعون الآن فيطردون بالشهب ولا يسمعون شيئا، فيبعد على هذا النص أن ينفي عنهم السّمع، إذ قد أخبر عنهم أنهم يتسمعون فيطردون بالشهب، وهو الاختيار، لصحة معناه، ولأن الأكثر عليه، فأما إتيان «إلى» بعده فهو على معنى «لا يميلون أسماعهم إلى الملأ» (٤).


(١) ر: «شريته واشتريته».
(٢) قوله: «شويته وأشويته … يسمعون» سقط من: ص.
(٣) ب: «اللام» وبحرف الجر وجهه كما في: ص، ر.
(٤) زاد المسير ٧/ ٤٧، وكتاب سيبويه ٢/ ٥١٣، وتفسير مشكل إعراب القرآن ١٩٧ /أ، وتفسير غريب القرآن ٣٦٩، وتفسير النسفي ٤/ ١٧، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٩٣ /ب.