للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

في الإنكار، أي: أنكروا بعثهم وبعث آبائهم بعد الموت.

«٩» وحجة من فتح الواو وقبلها همزة أنه جعلها واو العطف، دخلت عليها ألف الاستفهام التي معناها الإنكار للبعث بعد الموت، وهو وجه الكلام، وهو الاختيار، لأن الجماعة عليه (١).

«١٠» قوله: ﴿يُنْزَفُونَ﴾ قرأه حمزة والكسائي بكسر الزاي، وقرأ الباقون بفتحها، وقرأ الكوفيون بكسر الزّاي في الواقعة (٢)، وفتحها الباقون.

وحجة من كسر أنه جعله من «أنزف ينزف» إذا سكر، والمعنى: ولا هم عن الخمر يسكرون فتزول عقولهم، أي: تبعد عقولهم، كما تفعل خمر الدنيا، وقيل: هو من أنزف ينزف إذا فرغ شرابه، فالمعنى: ولا هم عن الخمر ينفد شرابهم كما ينفد شراب الدنيا، فالمعنى الأول من نفاد العقل، والثاني من نفاد الشراب، والأحسن أن يحمل على نفاد الشراب، لأن نفاد العقل قد نفاه عن خمر الجنة في قوله: ﴿لا فِيها غَوْلٌ﴾ أي: لا تغتال عقولهم فتذهبها، فلو حمل «ينزفون» على نفاد العقل لكان المعنى مكررا، وحمله على معنيين أولى، وأما الذي في الواقعة فيحتمل وجهين، لأنه ليس قبله نفي عن نفاد العقل بالخمر، كما جاء في هذه السورة.

«١١» وحجة من فتح الزاي في الموضعين أنه جعله من «نزف» إذا سكر، وردّه إلى ما لم يسمّ فاعله، لغة مشهورة فيه، وإن كان لا يتعدّى في الأصل، ولم يستعمل «نزف» إذا سكر، إنما استعمل بالضمّ، على لفظ ما لم يسمّ فاعله، وهي أفعال معروفة، أتت على لفظ ما لم يسمّ فاعله، ولم تأت على لفظ ما سمي فاعله، فالمعنى: ولا هم عن خمر الجنة يسكرون، يقال: نزف الرجل، إذا سكر، ويجوز أن يكون من «أنزف»، ردّه إلى ما لم يسمّ فاعله، ويضمر


(١) زاد المسير ٧/ ٥٢، وكتاب سيبويه ١/ ٥٧٤، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٩٤ /أ، وإيضاح الوقف والابتداء ٤٤٦.
(٢) حرفها هو: (آ ١٩) وسيأتي فيها بأولها.