للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لتقدم ذكره في قوله: ﴿اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ﴾ فأخبر عن نفسه ب «توفّي الأنفس، وبالإمساك للأنفس، وبالإرسال لها» كذلك أخبر عن نفسه بالقضاء بالموت عليها، فذلك أحسن للمجانسة والمطابقة، وهو الاختيار، ونصبوا الموت بوقوع الفعل عليه، وهو القضاء (١).

«١٢» قوله: ﴿بِمَفازَتِهِمْ﴾ قرأ أبو بكر وحمزة والكسائي بالجمع، لاختلاف أنواع ما ينجو المؤمن منه يوم القيامة، ولأنه ينجو بفضل الله وبرحمته من شدائد وأهوال مختلفة، وقرأ الباقون بالتوحيد، لأن المفازة والفوز واحد، فوحّد المصدر، لأنه يدلّ على القليل والكثير بلفظه، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه.

«١٣» قوله: ﴿أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ﴾ قرأه ابن عامر بنونين ظاهرتين، وقرأ نافع بنون واحدة خفيفة، وقرأ الباقون بنون مشدّدة.

وحجة من أظهر النونين (٢) أنه أتى به على الأصل، ولم يدغم، فالنون الأولى علم الرفع، والثانية هي الفاصلة بين الياء والفعل، في قولك: ضربني ويضربني.

«١٤» وحجة من شدّد أنه أدغم النون الأولى في الثانية، لاجتماع المثلين.

«١٥» وحجة من قرأ بنون واحدة أنه حذف إحدى النونين، لاجتماع المثلين، وهو ضعيف، إنما أتى ذلك في الشعر، لأنه إن حذف النون الأولى حذف علامة الرفع بغير جازم ولا ناصب، وذلك لحن، وإن حذف النون الثانية حذف الفاصلة بين الفعل والياء، فانكسرت النون التي هي علم الرفع، وذلك لا يحسن. لأن (٣) التقدير فيه أن تكون المحذوفة الثانية، لأن التكرير بها وقع، والاستثقال من أجلها دخل، ولأن الأولى علامة الرفع، فهي أولى بالبقاء،


(١) زاد المسير ٧/ ١٨٥، وتفسير النسفي ٤/ ٥٩.
(٢) ب: «التنوين» وتصويبه من: ص، ر.
(٣) ب، ص: «لكن» وتوجيهه من: ر.