للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مثل قتّل يقتّل، وهو يتعدّى في الأصل، لكنه عدّاه إلى المضمر الذي قام مقام الفاعل، معناه: أو من يربى في الحلية، أي: في الحلي، يعني النساء، جعلوهن أولاد الله، تعالى الله عن ذلك. فالمعنى: أجعلتم من يربى في الحلي، وهو لا يبين في الخصام بنات الله، لأنهم جعلوا الملائكة بنات الله (١)، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا، وهو قوله تعالى: ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً﴾ «١٥»، وهو قوله: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ ما يَكْرَهُونَ﴾ «النحل ٦٢»، كانوا يكرهون البنات لأنفسهم. والتخفيف أحبّ إليّ، لأن الأكثر عليه (٢).

«٥» قوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ﴾ قرأه الكوفيون وأبو عمرو «عباد» جمع «عبد»، وقرأ الباقون «عند» على أنه ظرف.

وحجة من جعله ظرفا إجماعهم على قوله: ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ «الأنبياء ١٩» وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ «الأعراف ٢٠٦». فهذا (٣) كله يراد به الملائكة، وفي هذه القراءة دلالة على شرف منزلتهم، وجلالة قدرهم، وفضلهم على الآدميين.

«٦» وحجة من جعله جمع «عبد» قوله: ﴿بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ﴾ «الأنبياء ٢٦»، يعني الملائكة، وفيه التسوية بين الآدميين والملائكة في أن كلاّ عباد الله. و «عند» في هذا ليس يراد به قرب المسافة، لأن الله في كل مكان يعلمه، كما قال: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ﴾ «الحديد ٤»، ولكن معنى «عند» الرفعة في الدرجة والشرف في الحال، ومن جعله جمع «عبد» دلّ بذلك


(١) قوله: «تعالى الله عن ذلك … بنات الله» سقط من: ص.
(٢) التبصرة ١٠٦ /ب، والتيسير ١٩٦، والنشر ٢/ ٣٥٣، والحجة في القراءات السبع ٢٩٤، وزاد المسير ٧/ ٣٠٦، وتفسير غريب القرآن ٣٩٧، وتفسير ابن كثير ٤/ ١٢٥، وتفسير النسفي ٤/ ١١٥، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ٩٩ /ب - ١٠٠ /أ.
(٣) ب، ر: «فهو» ورجحت ما في: ص.