للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لله، فالقراءة بالتشديد أعمّ، لأنها تجمع الإيمان والصدقة، وفي القراءة بالتخفيف قوة أيضا من جهة المعنى، وذلك أنه محمول على التصديق الذي هو الإيمان.

ثم ذكر بعده: ﴿وَأَقْرَضُوا اللهَ﴾، فقد بيّن أنهم جمعوا الحالتين: الإيمان والصّدقة. ومن شدّد فإنما يقدّر أن قوله: ﴿وَأَقْرَضُوا﴾ تأكيد مكرّر، لأن التشديد يدلّ على الصدقة، وهي القرض، وكان في الكلام، إذا قرئ بالتشديد، تكرير، وليس كذلك إذا قرئ بالتخفيف، بل التخفيف وما بعده من ذكر القرض يدل على الإيمان والصدقة، فذلك فائدتان، والتشديد وما بعده من ذكر القرض يدلّ على فائدة واحدة، وهي الصدقة، لا غير، ولولا الجماعة لاخترت التخفيف، لأنه يدلّ مع ما بعده على ما يدلّ عليه التشديد وزيادة الإيمان. فهو يدل على إيمان وصدقة، والتشديد وما بعده إنما يدل على الصدقة فقط، لكن قد علم أن المتصدق لله مؤمن، فثبت للمتصدق الإيمان من طريق الدليل. وثبت في التخفيف [له الإيمان] (١) من طريق النص، فاعرف قوة التخفيف على التشديد ويقوّي التشديد أن في حرف أبيّ «المتصدقين والمتصدقات» فهذا يدلّ على التشديد بمعنى الصدقة (٢).

«١٠» قوله: ﴿بِما آتاكُمْ﴾ قرأه أبو عمرو بالقصر، وقرأ الباقون بالمدّ.

وحجة (٣) من قصر أنه جعله ماضيا بمعنى المجيء، فأضاف الفعل إلى «ما» ففي «أتاكم» ضمير «ما» مرفوع، يعود على «ما» ولمّا كان «فاتكم» ماضيا ثلاثيا، وفاعله «ما»، وفيه ضمير يعود على «ما»، وجب أن يكون عديله ماضيا ثلاثيا أيضا، وفاعله «ما»، وفيه ضمير يعود على «ما»، وهو «أتاكم»، ليتفق نظم الكلام آخره بأوّله.


(١) تكملة لازمة من: ص، ر.
(٢) زاد المسير ٨/ ١٦٩، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١٠٩ /ب - ١١٠ /أ.
(٣) قوله من ههنا: «وحجة من قصر» إلى أول سورة المجادلة سقط من: ر.