للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

«٦» قوله: ﴿يَسْلُكْهُ﴾ قرأه الكوفيون بالياء على لفظ الغيبة، ردّوه على لفظ الغيبة التي قبله في قوله: ﴿عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ﴾، وقرأ الباقون بالنون على الإخبار من الله جلّ ذكره عن نفسه، فهو خروج من غيبة إلى إخبار، كما قال:

﴿سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ﴾ «الإسراء ١»، فأتى بلفظ الغيبة ثم قال بعد:

﴿لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا﴾، وقال: ﴿وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ﴾ «٢»، وقال:

﴿وَجَعَلْناهُ﴾، فرجع إلى الإخبار (١).

«٧» قوله: ﴿قُلْ إِنَّما أَدْعُوا﴾ قرأه عاصم وحمزة «قل» بغير ألف على الأمر، حملا على ما أتى بعده من لفظ الأمر في قوله: ﴿قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ﴾ «٢١»، ﴿قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي﴾ «٢٢»، ﴿قُلْ إِنْ أَدْرِي﴾ «٢٥» فلمّا تتابع لفظ الأمر فيما بعده حملاه على ذلك، فردّا صدر الكلام على مثال أوسطه وآخره. وقرأ الباقون بألف على لفظ الخبر والغيبة حملا على ما قبله من الخبر والغيبة من قوله: ﴿وَأَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللهِ﴾، [والتقدير: لمّا قام عبد الله] (٢) قال إنّما أدعو. وأيضا فإن قبله شرطا يحتاج إلى جواب، ف «قال» جوابه، ولا يكون جوابه «قل»، وهو الاختيار، لأن الأكثر عليه (٣).

«٨» قوله: ﴿لِبَداً﴾ قرأه هشام بضمّ اللام، على معنى الكثرة، من قوله تعالى: ﴿أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً﴾ «البلد ٦»، فحمله على معنى:

كادت الجن إذا سمعت النبيّ يتلو القرآن يركب بعضهم بعضا [ويلصق بعضهم بعضا] (٢) لشدة دنوّهم منه للإصغاء والاستماع.

ف «لبد» بالضم واحد، يدل على الكثرة. وقرأ الباقون بكسر اللام جعلوه جمع «لبدة» وهي الجماعة، فالمعنى: كادوا يكونون عليه جماعات، وقد فسّره قتادة على غير هذا المعنى، قال: تلبّد الجن والإنس على هذا الأمر


(١) التبصرة ١١٥ /ب، والحجة في القراءات السبع ٣٢٦، وزاد المسير ٨/ ٣٨١، وتفسير النسفي ٤/ ٣٠١، والمختار في معاني قراءات أهل الأمصار ١١٤ /ب.
(٢) تكملة لازمة من: ص، ر.
(٣) زاد المسير ٨/ ٣٨٤.