للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال: ﴿نارٌ حامِيَةٌ﴾ «١١»، أي: هي نار حامية، فلمّا احتاج إلى تفسير السؤال في قوله: ﴿وَما أَدْراكَ مَا﴾ ﴿الْعَقَبَةُ﴾ فسّر بالابتداء والخبر، فرفع «فكّ» على خبر ابتداء محذوف، وعطف عليه «أو (١) إطعام»، على الإباحة، وفي الكلام حذف دلّ عليه ﴿فَلا اقْتَحَمَ﴾ «١١» والتقدير: وما أدراك ما اقتحام العقبة، ثم حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، والتفسير:

إنما هو على اقتحام العقبة ما هو؟ ففسّره بقوله: ﴿فَكُّ رَقَبَةٍ﴾، أي: اقتحام العقبة فك رقبة أو إطعام. وإنما احتيج إلى هذا الإضمار ليكون المفسّر مثل المفسّر، لأنه لمّا فسّر بمصدر، وهو «فكّ»، وجب أن يكون المفسّر مصدرا، ولو جعلت «فك» تفسيرا ل «العقبة» لجعلت المصدر تفسيرا لغير مصدر، ولو لم تضمر لصار التقدير: والعقبة فك رقبة، وليس الأمر على ذلك، إنما المعنى:

اقتحام العقبة هو فك رقبة.

«٣» وحجة من قرأ «فكّ وأطعم» بالفتح أنه لمّا وقع لفظ الماضي في قوله: ﴿فَلا اقْتَحَمَ﴾، واحتاج إلى تفسير الاقتحام ما هو؟ فسّره بفعل ماض مثله، كما قال: ﴿وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾ «الحاقة ٣»، ثم فسّره بفعل ماض بقوله: ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ﴾ «٤»، ومثله في تفسير الجمل بالفعل الماضي قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ﴾ «آل عمران ٥٩»، ثم فسّر التمثيل بين آدم وعيسى كيف هو فقال: ﴿خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ﴾، أي: من غير أب كما خلق عيسى من غير أب، وهذا قد فسّر فيه الاسم بالماضي فتفسير الماضي بالماضي أقوى وأحسن، ولو جعلت «فك رقبة أو أطعم» في قراءة من فتح تفسيرا للجملة في قوله: ﴿وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ﴾ لحسن، كما حسن أن يكون (خلقه من تراب) تفسيرا للجملة التي هي اسم «إن وخبرها»، ويقوّي القراءة بالفتح على الفعل الماضي أن بعده: ﴿ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ﴾


(١) ب: «أي»، وتصويبه من: ص، ر.