للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحر من الفضل قد مدت جداوله ... ما في الورى في النهى شخص يحاوله

عين الفضائل والافضال نهر على ... لذاك هام الثريا صار منزله

فهو من خبايا الزوايا الذي ادخره الدهر واكتنزه، والذخيرة الذي أصفده العصر لترصيع هام الزمان فبكماله أبرزه. فإنه العقد النفيس الفائق المكنون، والدر الفاخر الأنيس الرائق المخزون. ادخرته لختام رجال الحدباء، كما ادخرته الأيام والليالي وجعلته إمامة سبحة الأدباء، وعلى كل فهو المقدم وغيره التالي.


- وله اشعار انيقة، ومنظومات رشيقة. وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين ومائة والف. رحمه الله تعالى وترجم له محمد الغلامي في شمامة العنبر (٢٨٦) فقال: «عبد الوهاب بن حسين الامام، معدود من جلة اصحابي، بل منظوم في سلك اعزة أحبابي. صحبة ترتق فتق الهموم، فتثنى عليه أهل المعاشرة ثناء الرياض على سواكب الغيوم. عاشرته وشبابي الغض كطاقة النرجس لا تحملها كف المجالس الا مع اقرانها قبضة، ولا تعده الاصحاب الاكياس من غرته الا ذهبا وفضة. في مجالس ليل ما في سماء انسها الاهلال أو بدر، مطردة الانس ترد العجز على الصدر. هي حتى مطلع الفجر. وأياما استنشقت من مداعبتها عرف الخلاعة. لما أوردنا هذا الامام كئوس المسرة- كالصلاة جماعة. بأنس رفع بيننا نقاب التكلف الذي هو بالبدور عيب قادح، في زمان هبت به نسائم اللطف التي تجعل الكامن من عرف المودة أذكى فائح، لا يقري قوافي الاحسان الا من بيت القصيدة، ولا يمتحن نحاة مجلسه الا بقوله: كيف أنت وقصعة من ثريد، ولا تتزين نحور المجالس من نوادره الا بالدر النضيد، هي عقلة المستوفز، وزمام الحبيب المتعزز، وبغية الخليع المتجوز.
وموعظة المتعصب المتحرز. مع ما هو عليه من طبع يجعل المعاشر لرقته رقيق، ويصير المسك لذكاته تهوى به الريح في مكان سحيق. لازمت صحبته سنين متوالية، وأياما خالية. ولكن جوانحي من تذكرها غير خالية.
كنت اغدو مجلسه تبكير الغراب، والتقى بمصباح غرته والليل مؤذن بالذهاب والشرق محمر الوجه من مباشرة الشمس لما تقدمت اليه ان يرفع اليها النقاب. والغرب من حنق عليه كالح الوجه مسود الاهاب، وانا اقول في نفسي عند صدور أصحابنا عن مورد هذا المجلس في العود تسبق العرجاء فتسحرني طيب مندامته فلا أرجع عنه الا وقد فتح نسيم الاصل عيون نرجس السماء».
ثم ذكر له من شعره تخميسا. وقصيدة دالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>