ذراعا. وتقلد حسام فضل لا ينبو مضربه، ولا يخبو في قدح المكارم أربه. فأي مقال يفصح عن مجمل كماله، وأي ارقال يعرب عن حميد خصاله. إذ هو بحر الكمال العجاج، المتلاطم الغبة والأمواج. يقذف الدر والجوهر، ومع انه بحر يعيب مذاقه السكر المكرر.
هو رئيس هؤلاء الرجال، وجميع فضلاء هذا الكتاب عليه عيال. فلا نهاية لكماله، ولا غاية لفضله وافضاله. فغاية ما أقول فيه، انه فريد العصر، والواحد الذي ما نتج به الدهر.
وهو فوق ما أقول، صان الله هلال كماله عن الأفول.
قرأت عليه، وجثوت بين يديه، فلم أر الفضل الا منه واليه.
سود صحائف أعماله بالتدريس، وبذل من العلم كل غال ونفيس. فلا زال غصن حياته وريقا، ومرج أدبه بنماء الفضائل مباكراً أنيقاً.
وفي أثناء ملازمتي لناديه، واجتناء ثمر المعارف من أياديه، توفيت والدته رحمها الله تعالى، فكتبت لحضرته أبياتا. وهي:
أرى حدثان الدهر ناء عن الحد ... فبالهزل يولينا المرار وبالجد
أأبصرته إذ هد شامخ ثلة ... من الجود والإحسان والفخر والمجد
لك الله من دنيا لقد عشنا في هنا ... فلم ندر ما نحس الزمان من السعد
رمتنا بأرزاء علتنا مصائب ... مصائب لا تردي الجيوش كما تردي