وكلل أزهار المجد بحباب لطف هو كاللؤلؤ المنحل. إليه انتهت الرغائب، ولفضله قطعت الأودية والسباسب. فهو قبلة الأنام، وكعبة الخواص والعوام، والبدر المنير في حالك الظلام، الذي ما عليه في إشراقه كلام.
لو مد راحته لثغر مقبل ... أنف الثريا أن تكون له فما
أو تنطق الدنيا بمدحة فاضل ... نطق الزمان بمدحه وتكلما
فالآن هو مشرع الحكم، ومطلع الهمم. قد لاحت من مجلسه شموس، وارتاحت لفضائله نفوس. ركب صعب الكمالات فذللها، وطلب مخرجاً للثريا فانتعلها، فناديه مصب مزن الفضل، وسقيط ندى المعارف المخضل. وموقف الفصاحة والبيان، ومقذف أرباب المعارف والعرفان. له ثبت الإحسان وارتسم، وعن فضله افتر الكمال وبسم له فضل لو تصور شخصاً، لكان بالنفوس مختصا، وللانفراد آية ونصا. تفرد بكل فضيلة وحوى لكل مكرمة وجميلة، لم يأت الزمان له بمثال، إذ هو علامة الزمان على كل حال. فأكفه توشي أرض المعارف، وتجر على حافاتها الزخارف. وهو منبع البيان، الذي سحب ذيله على سحبان.
قد جلا خطب الليالي عزمه ... مثل ما يجلو دجى الليل النهار
لم يكن للبحر أدنى بره ... لم يلح للعين براً وقفار
لقد جر إلى نحو المجرة باعا، ووطد على هام فرق الفرقدين