فهو السيد الذي يضيئ زنده قبل القدح، والحمام الذي يهيم بصبا ألحانه قبل الصدح. وهو صاحب الكمال المطلق، والضوع الذي هو من نوافج المسك أعبق.
ملأ بمزامير فضله مسامع الآفاق، ووقع توقيع القبول على حجة كماله بالاتفاق. فهو للعلم إمامه وللأدب أنواعه وأقسامه. وللفصاحة مقتداها، وللبلاغة مبتداها، كم ربع من البلاغة به تعمر، وكم لفظ من الفصاحة به تأمر. فهو شيخي الذي أخذت عنه، وزندي الذي قدحت منه. درجني إلى حلبة الأدب، فمن أدبه رضاعي، وحثني في أوان الطلب، فبفضله تعمرت رباعي. فحقه علي لا ينكر. وفضله في ربيع الافادة أخضر.
مات وماء الشباب يقطر من محياه، ودفن وعقود الفضل مخزونة في ثناياه، ولم يف معه عمره، ولم يوف معه زمانه وعصره.
ودفن ذلك العلم وفات. وهو على كل حال مرجع الفضل في الحياة والممات.
أسبغ الله عليه أبراد رحمته، وأسكنه بحبوحة جنته.
فمن جملة منشآته، ونفثات بابلياته، ما أرسله تعزية إلي في وفاة أحد أولادي. وهو: يا بارئ الثقلين، ويا خالق الكونين،